قوله: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر؟ فقال: " الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله " 1". هذا الحديث رواه البزار وابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس، ورجاله ثقات إلا شبيب بن بشر. فقال ابن معين: ثقة. ولينه أبو حاتم. وقال ابن كثير: في إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفا.
قوله: "الشرك بالله" هو أكبر الكبائر. قال ابن القيم -رحمه الله-: " الشرك بالله هضم للربوبية وتنقص للإلهية، وسوء ظن برب العالمين". انتهى.
ولقد صدق ونصح. قال تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [2] وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [3]. ولهذا لا يغفره الله إلا بالتوبة منه.
قوله: "واليأس من روح الله" أي قطع الرجاء والأمل من الله فيما يخافه ويرجوه، وذلك إساءة ظن بالله، وجهل به وبسعة رحمته وجوده ومغفرته.
قوله: "والأمن من مكر الله" أي من استدراجه للعبد وسلبه ما أعطاه من الإيمان، نعوذ بالله من ذلك. وذلك جهل بالله وبقدرته، وثقة بالنفس وعجب بها.
واعلم أن هذا الحديث لم يرد به حصر الكبائر في الثلاث، بل الكبائر كثيرة، وهذه الثلاث من أكبر الكبائر المذكورة في الكتاب والسنة، وضابطها ما قاله المحققون من العلماء: كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب. زاد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: أو نفي الإيمان. قلت: ومن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: " ليس منا من فعل كذا وكذا ".
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: " هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار ".
وعن ابن مسعود قال: " أكبر الكبائر: الإشراك بالله،
1 حسن. البزار (106- كشف الأستار) ، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (1/ 485) . وحسنه العراقي في تخريج الإحياء (4/ 17) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4479) . [2] سورة الأنعام آية: 1. [3] سورة لقمان آية: 13.