أن يُكَذَّب الله ورسوله؟ ".
"علي": هو أمير المؤمنين أبو الحسن علي ابن أبي طالب، وأحد الخلفاء الراشدين. وسبب هذا القول - والله أعلم - ما حدث في خلافته من كثرة إقبال الناس على الحديث، وكثرة القصاص وأهل الوعظ. فيأتون في قصصهم بأحاديث لا تعرف من هذا القبيل[1] فربما استنكرها بعض الناس وردها. وقد يكون لبعضها أصل أو معنى صحيح، فيقع بعض المفاسد لذلك، فأرشدهم أمير المؤمنين رضي الله عنه إلى أنهم لا يحدثون عامة الناس إلا بما هو معروف ينفع الناس في أصل دينهم وأحكامه، من بيان الحلال من الحرام الذي كلفوا به علما وعملا، دون ما يشغل عن ذلك مما قد يؤدي إلى رد الحق وعدم قبوله فيفضي بهم إلى التكذيب، ولا سيما مع اختلاف الناس في وقته، وكثرة خوضهم وجدلهم.
وقد كان شيخنا المصنف -رحمه الله- لا يحب أن يقرأ على الناس إلا ما ينفعهم في أصل دينهم، وعباداتهم ومعاملاتهم الذي لا غنى لهم عن معرفته، وينهاهم عن القراءة في مثل كتب ابن الجوزي: كالمنعش، والمرعش، والتبصرة؛ لما في ذلك من الإعراض عما هو أوجب وأنفع، وفيها ما الله به أعلم مما لا ينبغي اعتقاده. والمعصوم من عصمه الله.
وقد كان أمير المؤمنين معاوية ابن أبي سفيان ينهى القصاص عن القصص; لما في قصصهم من الغرائب والتساهل في النقل وغير ذلك; ويقول: " لا يقص إلا أمير أو مأمور " [2]. وكل هذا محافظة على لزوم الثبات على الصراط
وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: " أنه [1] وقد كان هؤلاء القصاص لعدم تحريهم الصدق سببا في وضع كثير من الأحاديث على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , ذكرها أئمة الجرح والتعديل, وحذروا الناس منها. ودونوا دواوين الصحاح والسنن والمسانيد. فلا ينبغي لأحد اليوم أن ينسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثا إلا بذكر من خرجه, وخير وأولى أن يشفعه ببيان درجته من الصحة أو الضعف، إذا كان في غير الصحيحين. [2] ثبت هذا مرفوعا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث عوف بن مالك بلفظ: " لا يقص إلا أمير, أو مأمور, أو مختال". أخرجه أبو داود: كتاب العلم (3665) : باب في القصص. وأحمد (6/22، 6/27، 6/29) . وصححه الألباني في صحيح الجامع (7630) .