فيه مسائل:
الأولى: النهي عن الحلف بالآباء.
الثانية: الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى.
الثالثة: وعيد من لم يرض.
بحكم الشريعة على خصمه إلا اليمين فأحلفه، فلا ريب أنه يجب عليه الرضا. وأما إذا كان فيما يجري بين الناس مما قد يقع في الاعتذارات من بعضهم لبعض ونحو ذلك، فهذا من حق المسلم على المسلم أن يقبل منه إذا حلف له معتذرا أو متبرئا من تهمة، ومن حقه عليه أن يحسن به الظن إذا لم يتبين خلافه، كما في الأثر عن عمر رضي الله عنه: " ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا ".
وفيه: من التواضع والألفة والمحبة وغير ذلك من المصالح التي يحبها الله ما لا يخفى على من له فهم. وذلك من أسباب اجتماع القلوب على طاعة الله، ثم إنه يدخل في حسن الخلق الذي هو أثقل ما يوضع في ميزان العبد، كما في الحديث[1]، وهو من مكارم الأخلاق.
فتأمل أيها الناصح لنفسه ما يصلحك مع الله تعالى: من القيام بحقوقه وحقوق عباده، وإدخال السرور على المسلمين، وترك الانقباض عنهم والترفع عليهم؛ فإن فيه من الضرر ما لا يخطر بالبال ولا يدور بالخيال.
وبسط هذه الأمور وذكر ما ورد فيها مذكور في كتب الأدب وغيرها، فمن رزق ذلك والعمل بما ينبغي العمل به منه وترك ما يجب تركه من ذلك، دل على وفور دينه، وكمال عقله. والله الموفق والمعين لعبده الضعيف المسكين. والله أعلم. [1] رواه الترمذي- وقال: حسن صحيح-، وابن حبان عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن, وإن الله ليبغض الفاحش البذيء ". ورواه أبو داود مختصرا. باب: "قول "ما شاء الله وشئت"
عن قتيلة " أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون. تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت "[1]. رواه النسائي وصححه.
قوله: "باب قول ما شاء الله وشئت".
"عن قتيلة " أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون. [1] صحيح. النسائي: كتاب الأيمان والنذور (7/ 6) : باب الحلف بالكعبة، وأحمد (6/371) . وصححه الألباني في الصحيحة (136) .