نام کتاب : فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية - ت علي مخلوف نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 125
محمدا أطعناه، وإن خالفتموه خالفناه، فقالوا: نحن أبناء خليل الرحمن، ومنا عزير ابن الله والأنبياء، ومتى كانت النبوة في العرب؟! نحن أحق بها من محمد، ولا سبيل إلى اتباعه، فنزلت: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} [الجمعة: 6] » الآية [1] .
{وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا} [الجمعة: 7] إخبار بحالهم المستقبل، وهو عدم تمنيهم الموت، وذلك خاص بأولئك المخاطَبين.
ورويَ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم: «والذي نفسي بيده لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه» [2] فلم يَتَمَنَّهُ أحد منهم، وما ذلك إلا لأنهم كانوا موقنين بصدقه صلى الله عليه وآله وسلم، فعلموا أنهم لو تمنوا لماتوا من ساعتهم، ولحقهم الوعيد، وهذه إحدى المعجزات. [1] ذكر ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: " قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " [البقرة: 94 - 95] ، عن ابن عباس رضي الله عنه: يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: " قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " أي: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب، فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين" أي: بعلمهم بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك، ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات. وقال الضحاك عن ابن عباس: (فتمنوا الموت) فسلوا الموت. وقال عبد الرزاق عن مَعْمَر، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، قوله: "فتمنوا الموت إن كنتم صادقين" قال: قال ابن عباس: لو تمنى اليهود الموت لماتوا، اهـ. ثم ذكر أثرا عن ابن عباس: قال: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه. وهذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس اهـ.
فالمسألة على سبيل المباهلة، وليست كما ذكره الشيخ رحمه الله، قال ابن كثير رحمه الله: ولهم مع ذلك أن يقولوا على هذا: فها أنتم تعتقدون أيها المسلمون أنكم أصحاب الجنة، وأنتم لا تتمنون في حال الصحة الموت، فكيف تلزمونا بما لا يلزمكم اهـ. ثم قال بعد: وسميت هذه المباهلة تمنيا لأن كل محقٍّ يود لو أهلك الله المبطل المناظر له، لا سيما إذا كان في ذلك حجة له في بيان حقه وظهوره، وكانت المباهلة بالموت لأن الحياة عندهم عظيمة عزيزة؛ لما يعلمون من سوء مآلهم بعد الموت. اهـ. [2] أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (6 / 274) ، وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس بلفظ: " لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ".
نام کتاب : فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية - ت علي مخلوف نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 125