responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 330
إِلَّا مِنْ ضَالٍّ سَفِيهٍ، وَلِهَذَا قَالَ: ((وَيْحَ)) هَذِهِ كَلِمَةُ تَرَحُّمٍ وَتَوَجُّعٍ، تُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَقَدْ تُرْفَعُ وَتُضَافُ كَمَا هُنَا، وَضِدُّهُ " وَيْلٌ " فَإِنَّهَا تُقَالُ لِلْحُزْنِ، وَالْهَلَاكِ، وَالْمَشَقَّةِ مِنَ الْعَذَابِ، وَكُلُّ مَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ دَعَا بِالْوَيْلِ، وَقِيلَ: " وَيْ " كَلِمَةٌ مُفْرَدَةٌ، وَلَامُهُ مُفْرَدَةٌ، وَهِيَ كَلِمَةُ تَفَجُّعٍ وَتَعَجُّبٍ، فَإِنْ قُلْتَ: كَانَ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْإِتْيَانَ بِكَلِمَةِ " وَيْلٌ " لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ؛ قُلْتُ: بَلِ الْأَنْسَبُ كَلِمَةُ " وَيْحَ " ; لِأَنَّهُ يَتَوَجَّعُ وَيَتَرَحَّمُ لِإِخْوَانِهِ مِنَ الْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، كَيْفَ اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ وَتَلَاعَبَ بِهِمْ تَلَاعُبَ الصِّبْيَانِ بِالْكُرَةِ وَالصَّوْلَجَانِ، مَعَ ظُهُورِ أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَعَلَى عُقُولِهِمُ الدَّمَارُ، وَعَلَى فُهُومِهِمُ الْبَوَارُ ((مَنْ)) أَيْ شَخْصٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ ((لَمْ يُفْلِحْ)) أَيْ لَمْ يَفُزْ بِمُتَابَعَةِ الْحَقِّ، وَمُوَافَقَةِ الشِّرْعَةِ، وَرَفْضِ الْبَاطِلِ، وَمُجَانَبَةِ الْبِدْعَةِ، وَالْفَلَاحُ مِنَ الْكَلِمَاتِ الْجَوَامِعِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: بَقَاءٌ بِلَا فَنَاءٍ، وَغِنًى بِلَا فَقْرٍ، وَعِزٌّ بِلَا ذُلٍّ، وَعِلْمٌ بِلَا جَهْلٍ، قَالُوا: فَلَا كَلِمَةَ فِي اللُّغَةِ أَجْمَعَ لِلْخَيْرَاتِ مِنْهَا.
وَلِمَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ لَوَازِمُ فَاسِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ، مِنْهَا أَنَّ الْقُرُبَاتِ مِنَ النَّوَافِلِ صَلَاحٌ، فَلَوْ كَانَ الصَّلَاحُ وَاجِبًا وَجَبَتْ وُجُوبَ الْفَرَائِضِ. وَمِنْهَا أَنَّ خُلُودَ أَهْلِ النَّارِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَلَاحًا لَهُمْ دُونَ أَنْ يُرَدُّوا فَيَعْتِبُوا رَبَّهُمْ وَيَتُوبُوا إِلَيْهِ، وَلَا يَنْفَعُكُمُ اعْتِذَارُكُمْ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا لَعَادُوا، فَإِنَّ هَذَا حَقٌّ وَلَكِنْ لَوْ أَمَاتَهُمْ وَأَعْدَمَهُمْ فَقَطَعَ عِتَابَهُمْ كَانَ أَصْلَحَ لَهُمْ، وَلَوْ غَفَرَ لَهُمْ وَأَخْرَجَهُمْ مِنَ النَّارِ كَانَ أَصْلَحَ مِنْ إِمَاتَتِهِمْ وَإِعْدَامِهِمْ، وَلَمْ يَتَضَرَّرْ - سُبْحَانَهُ - بِذَلِكَ.
وَمِنْهَا أَنَّ عَدَمَ خَلْقِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ أَصْلَحُ لِلْخَلْقِ وَأَنْفَعُ، وَقَدْ خَلَقَهُ الْبَارِي - جَلَّ شَأْنُهُ. وَأَيْضًا إِنْظَارُهُ وَتَمْكِينُهُ وَتَمْكِينُ جُنُوَدِهِ وَجَرَيَانُهُمْ مِنَ الْآدَمِيِّ مَجْرَى الدَّمِ فِي أَبْشَارِهِمْ - يُنَافِي مَذْهَبَهُمْ، فَكَانَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ. وَمِنْهَا مَا أَلْزَمَهُ الْإِمَامُ أَبُو الْحُسْنِ الْأَشْعَرِيُّ لِلْجُبَّائِيِّ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ ثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ، أَمَاتَ اللَّهُ أَحَدَهُمْ صَغِيرًا، وَأَحْيَا الْآخَرَيْنِ، فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الْإِيمَانَ، وَالْآخِرُ الْكُفْرَ، فَرَفَعَ اللَّهُ دَرَجَةَ الْمُؤْمِنِ الْبَالِغِ عَنْ أَخِيهِ الصَّغِيرِ فِي الْجَنَّةِ بِعَمَلِهِ، فَقَالَ أَخُوهُ الصَّغِيرُ: يَا رَبِّ لِمَ لَا بَلَّغْتَنِي مَنْزِلَةَ أَخِي؟ فَقَالَ: إِنَّهُ عَاشَ وَعَمِلَ عَمَلًا اسْتَحَقَّ بِهِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ. فَقَالَ: يَا رَبِّ فَهَلَّا أَحْيَيْتَنِي حَتَّى أَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ فَأَبْلُغَ مَنْزِلَتَهُ؟ فَقَالَ: كَانَ الْأَصْلَحُ لَكَ أَنْ تَوَفَّيْتُكَ صَغِيرًا لِأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ إِنْ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست