responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 341
وَمِنْهَا: عُبُودِيَّةَ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَنَفْسُ اتِّخَاذِ إِبْلِيسَ عَدُوًّا مِنْ أَكْبَرِ أَنْوَاعِ الْعُبُودِيَّةِ وَأَجَلِّهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ وَالْفَوَائِدِ الَّتِي أَبْدَاهَا الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ، فَلَخَّصْتُ مِنْهَا مَا لَعَلَّهُ يَدُلُّ الْفَطِنَ عَلَى مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِحْصَاءِ، فَإِنَّ وُجُودَهَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى وُجُودِ إِبْلِيسَ تَرْتِيبَ وُجُودِ الْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ، وَالْمَلْزُومِ عَلَى لَازَمِهِ.
ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ مُرَادَةً لِمَا تُفْضِي إِلَيْهِ مِنَ الْحِكَمِ، فَهَلْ تَكُونُ مَرْضِيَّةً مَحْبُوبَةً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، أَمْ هِيَ مَسْخُوطَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا السُّؤَالَ يَرِدُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مِنْ جِهَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَهَلْ يَكُونُ مُحِبًّا لَهَا مِنْ جِهَةِ إِفْضَائِهَا إِلَى مَحْبُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ يَبْغَضُهَا لِذَوَاتِهَا؟ وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَتَسَرَّعُ لَهُ الرِّضَا بِهَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ أَيْضًا؟ فَاعْلَمْ أَنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْعَدَمِ، أَعْنِي عَدَمَ الْخَيْرِ وَأَسْبَابِهِ الْمُفْضِيَةِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ شَرٌّ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ وُجُودِهِ الْمَحْضِ فَلَا شَرَّ فِيهِ، مِثَالُهُ أَنَّ النُّفُوسَ الشِّرِّيرَةَ وَجُودُهَا خَيْرٌ مِنْ حَيْثُ هِيَ مَوْجُودَةٌ، وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهَا الشَّرُّ بِقَطْعِ مَادَّةِ الْخَيْرِ عَنْهَا، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ فِي الْأَصْلِ مُتَحَرِّكَةً لَا تَسْكُنُ، فَإِنْ أُعِينَتْ بِالْعِلْمِ وَإِلْهَامِ الْخَيْرِ تَحَرَّكَتْ بِهِ، وَإِنْ تُرِكَتْ تَحَرَّكَتْ بِطَبْعِهَا إِلَى خِلَافِهِ، وَحَرَكَتُهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ حَرَكَةٌ - خَيْرٌ، وَإِنَّمَا تَكُونُ شَرًّا بِالْإِضَافَةِ، لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ حَرَكَةٌ، وَالشَّرُّ كُلُّهُ ظُلْمٌ، وَهُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَلَوْ وُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ لَمْ يَكُنْ شَرًّا، فَعُلِمَ أَنَّ جِهَةَ الشَّرِّ فِيهِ نِسْبَةٌ إِضَافِيَّةٌ ; وَلِهَذَا كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ الْمَوْضُوعَةُ فِي مَحَالِّهَا خَيْرًا فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَحَلِّ الَّذِي حَلَّتْ بِهِ ; لَمَا أَحْدَثَتْ فِيهِ مِنَ الْأَلَمِ الَّذِي كَانَتِ الطَّبِيعَةُ قَابِلَةً لِضِدِّهِ مِنَ اللَّذَّةِ، مُسْتَعِدَّةً لَهُ، فَصَارَ ذَلِكَ الْأَلَمُ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، وَهُوَ خَيْرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، حَيْثُ وَضَعَهُ مَوْضِعَهُ، فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - لَا يَخْلُقُ شَرًّا مَحْضًا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَالِاعْتِبَارَاتِ، فَإِنَّ حِكْمَتَهُ تَأْبَى ذَلِكَ، بَلْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَخْلُوقُ شَرًّا وَمَفْسَدَةً بِبَعْضِ الِاعْتِبَارَاتِ، وَفِي خَلْقِهِ مَصَالِحُ وَحِكَمٌ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ أَرْجَحَ مِنِ اعْتِبَارَاتِ مَفَاسِدِهِ، بَلِ الْوَاقِعُ مُنْحَصِرٌ فِي ذَلِكَ، فَلَا يُمْكِنُ فِي جَنَابِ الْحَقِّ - جَلَّ جَلَالُهُ - أَنْ يُرِيدَ شَيْئًا يَكُونُ فَسَادًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَبِكُلِّ اعْتِبَارٍ، لَا مَصْلَحَةَ فِي خَلْقِهِ بِوَجْهٍ مَا، هَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْمُحَالِ، فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - بِيَدِهِ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست