responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 372
الْوَاجِبَةُ الرُّجُوعُ عَمَّا كَانَ مَذْمُومًا فِي الشَّرْعِ مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ إِلَى مَا هُوَ مَحْمُودٌ فِي الشَّرْعِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ: الْإِقْلَاعُ، وَالنَّدَمُ عَلَى فِعْلِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ، وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَّا يَعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا، وَأَنْ لَا يُغَرْغِرَ. انْتَهَى.
فَإِنْ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ لِآدَمِيٍّ فَلَهَا رُكْنٌ رَابِعٌ وَهُوَ التَّحَلُّلُ مِنْ صَاحِبِ ذَلِكَ الْحَقِّ. وَأَصْلُهَا النَّدَمُ وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَعْظَمُ، وَقَدْ فَسَّرَتِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَأَمِيرَيِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ التَّوْبَةَ بِالنَّدَمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالْعَزْمِ عَلَى أَنْ يَعُودَ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا مَنْ وَجْهٍ فِيهِ ضَعْفٌ، لَكِنْ لَا يُعْلَمُ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا، وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحُسْنِ وَغَيْرِهِمَا.
وَفِي قَوْلِهِ ((مِنْ كُلِّ مَا)) أَيْ شَيْءٍ أَوِ الَّذِي ((جَرَّ)) أَيْ قَادَ وَجَذَبَ ((عَلَيْهِ)) أَيِ الْمُذْنِبِ ((حُوبًا)) أَيْ إِثْمًا، وَفِي الْقَامُوسِ: الْحَوْبُ الْإِثْمُ، يُقَالُ حَابَ بِكَذَا أَثِمَ حَوْبًا، وَيُضَمُّ، وَالْحَوْبُ الْحُزْنُ وَالْوَحْشَةُ، وَيُضَمُّ فِيهِمَا. وَفِي الْقَامُوسِ أَيْضًا: الْحُوبُ بِالضَّمِّ الْهَلَاكُ، وَالْبَلَاءُ، وَالتَّحَوُّبُ التَّوَجُّعُ وَتَرْكُ الْحُوبِ؛ كَالتَّأَثُّمِ.
وَمُرَادُ النَّاظِمِ مِنْ ذَلِكَ: مِنْ كُلِّ مَا جَرَّ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ وَالْبَلَاءَ؛ إِشْعَارًا بِوُجُوبِ التَّوْبَةِ مَنْ كُلِّ ذَنْبٍ كَبِيرٍ، أَوْ صَغِيرٍ، وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ - وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَأَنَّهَا مِنْ مُهِمَّاتِ الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِ الدِّينِ الْمُتَأَكِّدَةِ. وَوُجُوبُهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِالشَّرْعِ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ بِالْعَقْلِ. وَظَاهِرُ النُّصُوصِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، وَالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَابَ لِلَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا وَاجْتَمَعَتْ شُرُوطُ التَّوْبَةِ فِي حَقِّهِ، أَنَّهُ يُقْطَعُ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ كَرَمًا مِنْهُ وَفَضْلًا. وَعَرَفْنَا قَبُولَهَا بِالشَّرْعِ وَالْإِجْمَاعِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، أَمَّا فِي حَقِّ قَبُولِ تَوْبَةِ الْكَافِرِ بِالْإِسْلَامِ، فَهَذِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: تَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ كُفْرِهِ قَبُولُهَا مَقْطُوعٌ بِهِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ مِنْ أَئِمَّةِ عُلَمَائِنَا

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست