responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 435
وَأَحْضَرُوا لِي كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: قَطْعًا، وَهِيَ أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ مُخْتَلِفَةٌ قَدِ افْتَرَاهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَهَؤُلَاءِ وَأَضْرَابُهُمْ ظَنُّوا أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُ السَّلَفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ، وَإِنَّمَا حَكَاهُ هَؤُلَاءِ عَنْهُمْ بِحَسَبِ ظَنِّهِمْ، وَالَّذِينَ قَالُوا بِالْمُوَافَاةِ جَعَلُوا الثَّبَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ إِلَى الْعَاقِبَةِ، وَالْوَفَاءَ بِهِ الْمَآلَ شَرْطًا فِي الْإِيمَانِ شَرْعًا لَا لُغَةً وَلَا عَقْلًا، حَتَّى إِنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ كَانَ يَغْلُو فِي هَذَا وَيَقُولُ مَنْ يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَمَذْهَبُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِ، وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ كَانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ، وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عَنْهُمْ لَكِنْ لَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا نَسْتَثْنِي لِأَجْلِ الْمُوَافَاةِ وَإِنَّ الْإِيمَانَ إِنَّمَا هُوَ اسْمٌ لِمَا يُوَفَّى بِهِ بَلْ صَرَّحَ أَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَتَضَمَّنُ فِعْلَ جَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ فَلَا يَشْهَدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ كَمَا لَا يَشْهَدُونَ لَهَا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْلَمُونَهُ وَهُوَ تَزْكِيَةٌ لِأَنْفُسِهِمْ بِلَا عِلْمٍ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَأَمَّا الْمُوَافَاةُ فَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ عَلَّلَ بِهَا الِاسْتِثْنَاءَ. نَعَمْ، كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ يُعَلِّلُ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَقُولُونَ بَلْ هُوَ إِذَا كَانَ كَافِرًا فَهُوَ عَدُوُّ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا آمَنَ وَاتَّقَى صَارَ وَلِيًّا لِلَّهِ. فَمَأْخَذُ سَلَفِ الْأَئِمَّةِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْإِيمَانَ الْمُطْلَقَ فِعْلُ جَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ، وَتَرْكُ جَمِيعِ الْمَحْظُورَاتِ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا مُؤْمِنٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، فَقَدْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ مِنَ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ الْقَائِمِينَ بِفِعْلِ جَمِيعِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَتَرْكِ كُلِّ مَا نُهُوا عَنْهُ فَيَكُونُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَهَذَا تَزْكِيَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَشَهَادَتُهُ لَهَا بِمَا لَا يَعْلَمُ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً لَسَاغَ أَنْ يَشْهَدَ لِنَفْسِهِ بِالْجَنَّةِ إِنْ مَاتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَلَا أَحَدَ يُسَوِّغُ له

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 435
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست