الجانب ذل لها كل عدو للإسلام والمسلمين، وكانت تلك الدولة الإسلامية تستمد قوتها من تمسكها بعقيدة التوحيد النقية التي لم تندس بالفلسفة اليونانية، والطرق الكلامية فكانت عقيدتهم صافية نقية كما أخذوها من الكتاب المبين.
ومن السنة النبوية الصحيحة التي أوحاها الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقويت شوكة الإسلام وسيطر سلطان العقيدة على أرجاء المعمورة.
ولما حدثت الطرق الكلامية والمذاهب الفلسفية تمزقت الأمة وانقسمت فرقاً وأحزاباً1، فأخذ الضعف ينخر في أمة الإسلام فشيئاً فشيئاً حتى تدهورت العقيدة من نفوس المسلمين، واهتز الإيمان في قلوبهم، وكان لضعف العقيدة عند المسلمين الأثر السيئ في جميع نواحي الحياة، ولقد فهم أعداء المسلمين أن مصدر قوة المسلمين إنما هو في تمسكهم بعقيدتهم، والتزامهم بما في كتاب ربهم فأخذوا يبعدونهم عما في هذا الكتاب من الخير الدنيوي والأخروي بالدعوة إلى عدم تحكيمه واستبداله بقوانين البشر الطاغوتية فكانت حالة المسلمين على ما ترى!! ضعفوا عن الوصول إلى غاياتهم من قيادة الأمم، وهداية الشعوب، يتنازعهم أعداؤهم من جميع الجهات، ويسعون جاهدين لإضعافهم وإذلالهم نتيجة لتخليهم عن هذا الكتاب الذي هو مصدر قوة عقيدتهم، وعزهم، ورفع رايتهم وجمع كلمتهم، فأصبحوا فريسة لأعدائهم ضعفاء مهزومين متذللين لهم ينظرون إليهم بعين الإكبار والإجلال، وهذه الهوة وقع فيها أكثر المسلمين إلا من رحم الله تعالى ولا يمكن أن يعود للمسلمين عزهم ومجدهم إلا بالعودة للتمسك بعقيدتهم المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة إذ لا تصفو عقيدة المسلمين بما طرأ عليها من شوائب الشرك والبدع إلا بالرجوع إلى هذين المصدرين اللذين صلحت بهم الدنيا، وحينئذٍ يعود للمسلمين شأنهم وكما كان للسلف الصالحين الذين حملوا راية الإسلام، وسعوا جاهدين في نشر العقيدة الإسلامية الصافية النقية حتى عمت معظم الكرة الأرضية فنعم الناس في ظلها بالأمن والرخاء والسعادة.
فالكتاب العزيز اشتمل على بيان العقيدة الصحيحة وتجليتها، والناظر فيه يجد أن معانيه "دائرة على التوحيد وبراهينه والعلم بالله وما له من أوصاف الكمال، وما ينزه عنه من
1- انظر الخطط للمقريزي 2/344 ـ 355.