وجاء في القاموس: "التوحيد الإيمان بالله وحده أي: التصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الخبر الدال على أن الله ـ تعالى ـ واحد في ألوهيته لا شريك له" أ. هـ1.
ومن هذه النصوص اللغوية يتبين أن هذه المادة ـ وحدة ـ تدور حول إنفراد الشيء بذاته، أو بصفاته، أو بأفعاله، وعدم وجود نظير له فيما هو واحد فيه، وإذا عدي بالتضعيف فيقال: وحّد الشيء توحيداً ـ كان معناه إما جعله واحداً، أو اعتقده واحداً.
قال تعالى حكاية عن المشركين: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 2 فاسمه ـ تعالى ـ "الواحد" معناه: الإعتقاد الجازم بأن الله ـ تعالى ـ واحد لا شريك له، ونفي المثل والنظير عنه، والتوجه إليه وحده بالعبادة. وإذا قيل: الله واحد كان معنى ذلك إنفراده بما له من ذات وصفات وعدم مشاركة غيره فيها فهو ـ سبحانه ـ واحد في إلهيته فلا إله غيره، وواحد في ربوبيته فلا رب سواه، وواحد في كل ما ثبت له من صفات الكمال التي لا تنبغي إلا له ـ جل وعلا.
وأما تفسير المتكلمين لاسمه ـ تعالى ـ "الواحد" بأنه واحد لا يتجزأ، ولا ينقسم فهذا من الألفاظ المبتدعة المخترعة التي لم ينطق بها أحد من سلف الأمة وأئمتها ولم يرد ذكر هذا التفسير في عقائد أهل السنة والجماعة، وإنما هو من جنس ما يذكره أهل البدع من قولهم ليس بجوهر ولا عرض ولا جسم، وليس له أعراض ولا أبعاض إلى غير ذلك مما خالفوا فيه أهل السنة والجماعة، ومن خلال هذه الألفاظ يتوصلون إلى نفي الكثير من صفات الله ـ عز وجل ـ. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فإنهم إذا قالوا لا قسيم له ولا جزء له، ولا شبيه له، فهذا اللفظ وإن كان يراد به معنى صحيح فإن الله ليس كمثله شيء وهو ـ سبحانه ـ لا يجوز عليه أن يتفرق، ولا يفسد ولا يستحيل بل هو أحد صمد والصمد الذي لا جوف له، وهو السيد الذي كمل سؤدده فإنهم يدرجون في هذه نفي علوه على خلقه، ومباينته لمصنوعاته ونفى ما ينفونه ويقولون إن إثبات ذلك يقتضي أن يكون مركباً منقسماً، وأن يكون له شبيه، وأهل العلم والإيمان يعلمون أن مثل هذا يسمى في لغة العرب التي نزل بها القرآن تركيباً وانقساماً، ولا تمثيلاً وهكذا الكلام في
1- 1/356.
2- سورة ص، آية: 5.