رضي الله عنهما، ومجاهد1 وعطاء2 وزيد بن أسلم وقتادة والسدي وابن زيد3 والشعبي4 رحمهم الله تعالى.
وقال آخرون بل عنى بذلك أهل الإسلام وقالوا: تأويل الكلام إن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن يشاء قالوا: وهي كذلك في مصحف عبد الله وقالوا: إنما نزلت هذه الآية في قوم صدهم المشركون عن الهجرة وفتنوهم فأشفقوا أن لا يكون لهم توبة وقال: بهذا القول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وعلي بن أبي طالب ومحمد بن كعب القرطبي وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: نزلت في قوم كانوا يرون أهل الكبائر من أهل النار فأعلمهم الله بذلك أنه يغفر الذنوب جميعاً لمن يشاء، وهذا قول آخر لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وقال ابن جرير: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عنى ـ تعالى ـ ذكره بذلك جميع من أسرف على نفسه من أهل الإيمان والشرك لأن الله عم بقوله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} جميع المسرفين فلم يخصص به مسرفاً دون مسرف.
فإن قال قائل: فيغفر الله الشرك؟ قيل: نعم إذا تاب منه المشرك وإنما عنى بقوله: {إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} لمن يشاء..... وأن الله قد استثنى منه الشرك إذا لم يتب منه صاحبه فقال: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 5.
فأخبر أنه لا يغفر الشرك إلا بعد التوبة بقوله: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} 6.
1- هو: مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي مولاهم المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم مات سنة أربع ومائة هجرية. التقريب 2/229.
2- عطاء هو: ابن أبي رباح أسلم القرشي، مولاهم، المكي ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال توفي سنة خمس عشرة ومائة هجرية انظر التهذيب 7/199 وما بعدها
3- هو: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، مولاهم المدني روى عن أبيه. تقريب التهذيب 1/480، طبقات المفسرين للداودي 1/271.
4- هو: عامر بن شراحيل الشعبي أبو عمرو ثقة مشهور فقيه فاضل توفي بعد المائة. انظر التقريب 1/386.
5- سورة النساء، آية: 48.
6- سورة الفرقان، آية: 70.