ومن هنا يعرف المؤمن بعظمة الله وجلاله أن المشبهة عموماً عقولهم في غطاء عن صفات الله التي تليق به ـ سبحانه ـ، ومذهبهم فاسد خارج عن نطاق الشرع والعقل مع اعترافهم وإقرارهم بذلك إذ أنهم يثبتون المباينة والفروق بين المخلوقات ولا يدركون المباينة العظمى بين الخالق والمخلوق ـ تعالى الله ـ عن ذلك علواً كبيراً1.
ثانياً: مذهب المعتزلة والأشعرية:
زعمت المعتزلة أن صفة اليدين مجاز في النعمة، والقوة وقال أفراخهم الأشعرية: إن صفة اليدين المراد بها القدرة قال عبد الجبار بن أحمد2 عند قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} 3.
والمراد بذلك أن نعمتيه مبسوطتان على العباد وأراد به نعمة الدين والدنيا والنعمة الظاهرة والباطنة وقد يعبر باليد عن النعمة فيقال: "لفلان عندي يد" اهـ4.
وقال أيضاً عند قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 5 قالوا: فأثبت لنفسه اليدين، وهذا يدل على كونه جسماً، والجواب عنه أن اليدين هاهنا بمعنى القوة وذلك ظاهر في اللغة يقال ما لي على هذا الأمر يد أي: "قوة"6.
فعبد الجبار هذا يعد من أكابر علماء المعتزلة، وهذه التأويلات التي ذكرها لصفة اليدين من التأويلات الباطلة، وهي عين التحريف الذي ذم الله عليه أهل الكتاب الذين يحرفون الكلم عن مواضعه.
وأما الأشعرية فقد أفصح عن مذهبهم "عبد القاهر بن طاهر البغدادي" حيث قال: في صفة اليدين "وتأولهما بعض أصحابنا على معنى القدرة ... وذلك صحيح على
1- انظر الرسالة التدمرية مع شرحها التحفة المهدية 1/75.
2- هو: عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي، أبو الحسين قاضي أصولي شيخ الإعتزال في زمنه لقبه المعتزلة بقاضي القضاة، ولا يطلقون هذا اللقب على غيره له تصانيف كثيرة توفي سنة خمس عشرة وأربعمائة هجرية. ميزان الإعتدال 2/523.
3- سورة المائدة آية: 64.
4- متشابه القرآن 1/230، وانظر المقالات للأشعري 1/271.
5- سورة ص آية: 75.
6- شرح الأصول الخمسة ص228.