على الإنسان، أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء، بل لا يستحق المحبة، والذل التام إلا الله وكل ما أحب لغير الله فمحبته فاسدة، وما عظم بغير أمر الله فتعظيمه باطل1.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تعريفه الشامل لمعنى العبادة:
"العبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة، والظاهرة، فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار اليتيم والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله، والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضاء بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله" اهـ2.
ومن هذا التعريف الجامع لمعنى العبادة التي هي حق الله على عباده يتبين أنه لا بد للعبادة من أمرين:
الأمر الأول: هو أن يلتزم العبد بما أمر الله به ودعت إليه رسل الله الكرام عليهم الصلاة والسلام بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، وبهذا الأمر يكون معنى العبادة الطاعة والخضوع إذ الذي لا يستسلم لأمر الله ويحرم ما حرم الله فلا يكون عبداً ولا عابداً لله ـ تعالى ـ.
الأمر الثاني: أن يكون هذا الإلتزام صادراً عن قلب ممتلئ بمحبة ـ الباري سبحانه ـ إذ أنه ليس في هذا الوجود من يستحق المحبة الكاملة إلا الله ـ جل وعلا ـ لأنه ـ سبحانه ـ هو الذي خلق الإنسان ولم يكن شيئاً مذكوراً وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه وأسبغ عليه النعم الظاهرة والباطنة وتوحيد الإلهية أساسه إخلاص العبادة لله وحده في باطنها وظاهرها بحيث لا يكون شيء منها لغيره ـ سبحانه ـ فيجب على المرء أن يخلص لله جميع أنواع العبادة من المحبة، والخوف، والرجاء، والدعاء، والتوكل، والطاعة، والتذلل، والخضوع، وأن يتوجه بها لله وحده دون سواه.
1- العبودية لشيخ الإسلام ص44.
2- المصدر السابق ص 38.