الإنسان المتابعة للكتاب والسنة في عبادته، واقتفى ما خط له فيهما فقبول الأعمال مرهون وموقوف بصدق الإخلاص.
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ} 1.
فإسلام العبد وجهه لا يتحقق إلا بإخلاص قصده وعمله لله تعالى والإحسان في ذلك لا يتحقق إلا بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد أخبر الله تعالى أن الأعمال التي تكون على غير الكتاب والسنة أو قصد بها غير وجه الله تعالى فإنها تصير هباءً منثوراً ليس لها قيمة وليس فيها نفع لصاحبها. قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} 2، والآيات الواردة في الحض على إخلاص العبادة لله ـ وحده ـ لا شريك له كثيرة جداً في كتاب الله ـ تعالى ـ وكلها تدل على اهتمام الإسلام بإصلاح الفرد ظاهراً، وباطناً.
والقرآن الكريم عندما يطلق اسم "الإخلاص" لا يريد به التوجه إلى الله في عمل من الأعمال بل المقصود به أن يتوجه المكلف بأعماله كلها إلى الله وحده دون سواه فلا يقصد بعبادته ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً ولا يعبد شجراً، ولا حجراً، ولا شمساً، ولا قمراً، الإخلاص يعني أن يتوجه بالأعمال القلبية لله وحده، كما يتوجه بالأعمال الظاهرة، والإخلاص هو الدين الذي بعث الله به الرسل جميعاً فكان محور دعوتهم ولبها، وهو الدين الذي طالبت به الرسل الأمم التي أرسلت إليها: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} 3.
وقد أكدت السنة على أهمية الإخلاص في عبادة الله تعالى في أحاديث كثيرة منها:
1 ـ ما رواه الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن الرجل يقاتل رياءً ويقاتل شجاعة ويقاتل حمية أي ذلك في سبيل الله؟
فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" 4.
فقد بين صلى الله عليه وسلم أن القتال الذي يكون لله وفي سبيله إنما هو القتال الذي يكون الغاية منه
1- سورة النساء آية: 125.
2- سورة الفرقان آية: 23.
3- سورة البينة آية: 5.
4- صحيح البخاري 4/290، صحيح مسلم 3/1512.