"بالرحمن" {ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} أي لا فرق بين دعائكم له باسم "الله" أو باسم "الرحمن" فإنه ذو الأسماء الحسنى.
وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 1.
وهذه الآية تضمنت إرشاداً من الله لعباده بأن يدعوه تضرعاً وتذللاً لأن الدعاء فيه صلاح دنياهم وأخراهم، كما أنها تتناول نوعي الدعاء لكنها ظاهرة الدلالة في دعاء المسألة المتضمن دعاء العبادة ولهذا أمر ـ سبحانه ـ بإخفائه وإسراره2. وقوله تعالى في هذه الآية {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فسر الاعتداء بتفسيرين:
1 ـ قيل: المراد إنه لا يحب المعتدين في الدعاء كالسائل ما لا يليق به من منازل الأنبياء وغير ذلك. وقد جاء في سنن أبي داود رحمه الله تعالى عن عبد الله بن معقل أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: يا بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء"3.
وعلى هذا فالاعتداء في الدعاء تارة يكون بسؤال الله ما لا يجوز له سؤله كسؤاله العون على المعصية، وتارة يسأل الله سؤالاً لا يفعله كطلب الخلود إلى يوم القيامة أو يدفع عنه لوازم البشرية بأن يرفع عنه الحاجة إلى الطعام والشراب أو يطلعه على الغيب أو يجعله في المعصومين، أو يطلب من الله الولد من غير زوجة وغير ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله.
التفسير الثاني للآية: قيل الاعتداء برفع الصوت في الدعاء4.
وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الآية تكون أعم من ذلك كله وإن كان الاعتداء في الدعاء هو المقصود بها فهو من جملة المراد: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 5 في كل شيء دعاء
1- سورة الأعراف آية: 55.
2- مجموع الفتاوى 15/15، بدائع الفوائد لابن القيم 3/6.
3- 1/22.
4- مجموع الفتاوى 15/22، تفسير ابن كثير 3/180.
5- سورة الأعراف آية: 55.