روى ابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: "ما تقول في الصلاة؟ " قال: أتشهد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، أما والله ما أحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ فقال: "حولها ندندن" 1.
فبين لنا صلى الله عليه وسلم أن نعبد الله ـ تعالى ـ خوفاً من عقابه وطمعاً في رحمته، وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "من أحب أن يهون الله عليه الوقوف يوم القيامة فليره الله في ظلمة الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه" 2.
ثم إن القانت في الآية ذكر القرطبي في معناه أربعة أقوال:
قيل: إن القانت هو المطيع.
وقيل: هو الخاشع في صلاته.
وقيل: هو القائم في صلاته.
وقيل: "هو الداعي لربه، وكلها تدخل تحت القول الأول لأنه أعم وأجمع"3.
والقنوت ينقسم إلى خاص، وعام، والسجود كذلك.
والآية التي معنا في هذا المبحث وهي قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً ... } الآية المراد بالقنوت فيها القنوت الخاص، ومثل هذه الآية قوله تعالى في حق مريم: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} 4.
وأما القنوت العام: فكقوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} 5 أي: خاضعون أذلاء.
وأما السجود الخاص فكقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} 6.
1- سنن ابن ماجة 1/295.
2- تفسير القرطبي 15/239.
3- الجامع لأحكام القرآن 15/239.
4- سورة التحريم آية: 12.
5- سورة الروم آية: 26.
6- سورة الأعراف آية: 206.