خلالها أنه ـ تعالى ـ يريد إكرامهم، كما أن لهم البشرى في الآخرة عند الموت وفي القبر، وفي القيامة وخاتمة البشارات البشارة العظمى وهي ما يحصل لهم من إحلال الله ـ تعالى ـ رضوانه عليهم، والنظر إلى وجهه الذي هو أعظم نعيم أهل الجنة وقد أمر الله نبيه أن يبشر عباده الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ تعالى ـ: "والمراد بالقول القرآن كما فسره بذلك سلف الأمة وأئمتها" اهـ1
فقد وصف الله عباده المبشرين بأنهم يستمعون القول فيفهمونه ويعقلونه ويتبعون أحسنه، وأحسنه على الإطلاق كلام الباري ـ سبحانه ـ وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال العلامة ابن كثير: {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} أي: يفهمونه، ويعملون بما فيه كقوله ـ تعالى ـ لموسى عليه السلام حين آتاه التوراة {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ بِأَحْسَنِهَا} 2 {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ} أي: المتصفون بهذه الصفة هم الذين هداهم الله في الدنيا والآخرة {وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ} أي: ذوو العقول الصحيحة والفطر المستقيمة"3 اهـ.
وقد ذكر في أسباب النزول أن الآيتين نزلتا في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر وسلمان الفارسي رضي الله ـ تعالى ـ عنهم كانوا في الجاهلية يقولون: "لا إله إلا الله" واجتنبوا عبادة الطاغوت4 والأصح أن الآيتين تشمل النفر الثلاثة المذكورين وغيرهم ممن اجتنب عبادة الأوثان وأناب إلى عبادة الرحمن وهؤلاء هم الذين لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة5.
وبعد هذه اللمحة لبيان معنى الآيتين نأتي لتعريف الطاغوت الذي فرض الله علينا اجتنابه.
1- مجموع الفتاوى 16/5، دقائق التفسير 4/252.
2- سورة الأعراف آية: 145.
3- تفسير القرآن العظيم 6/84.
4- جامع البيان 23/207.
5- تفسير ابن كثير 6/84.