وإلا فالحد الجامع المانع لمعنى الطاغوت هو ما عرفه به ابن القيم رحمه الله ـ تعالى ـ فقد قال:"الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم أعرض عن عبادة الله ـ تعالى ـ إلى عبادة الطاغوت، وعن طاعة رسول الله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته"اهـ1.
فلو تأملنا زمننا هذا واستعرضنا حالة أكثر المسلمين لوجدناها طبقاً لما قال هذا الإمام رحمة الله عليه إلا من رحم الله، وبعد أن عرفنا معنى الطاغوت في اللغة والاصطلاح نقول: إن الله فرض على جميع خلقه أن يكفروا بالطاغوت ويعتقدوا اعتقاداً جازماً أن عبادته باطلة وأن من عبده كافر بالله العظيم.
قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 2 فهذه الآية فيها الإخبار بأنه ـ تعالى ـ أمر جميع خلقه باجتناب عبادة الطاغوت مطلقاً سواءاً كان إنساً أو جناً، أو شجراً، أو حجراً، أو هوى، أو شهوة، أو مالاً، أو جاهاً، أو وظيفة، وأن يعبدوه ـ سبحانه ـ وحده دون سواه.
وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} 3.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب4: "واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت والدليل هذه الآية" اهـ5.
1- تيسير العزيز الحميد ص33، فتح المجيد ص20، إعلام الموقعين 1/50.
2- سورة النحل آية: 36.
3- سورة البقرة آية: 256.
4- هو: إمام الدعوة المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي زعيم النهضة الدينية الإصلاحية الحديثة في الجزيرة العربية وقد نهج رحمه الله منهج السلف داعياً إلى التوحيد الخالص ونبذ الشرك والبدع والخرافات، وتحطيم ما علق بالإسلام من أوهام. ولد رحمه الله سنة خمس عشرة ومائة وألف، وتوفي سنة ست ومائتين وألف هجرية. انظر ترجمته في "كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد 1/6 وما بعدها، هدية العارفين 2/250 الأعلام 7/137، معجم المؤلفين10/269".
5- الدرر السنية 1/95.