قال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} 1.
فهاتان الآيتان صريحتان في أن الله ـ تعالى ـ في السماء فلا تقبلان جدلاً ولا تأويلاً لأن "من" فيهما لا يمكن أن يراد بهما سوى ـ الرب جل شأنه ـ لا ملكه ولا أمره كما يزعم ذلك المعطلة النفاة.
وفي في الآيتين إما أن تكون بمعنى الظرفية، ويكون المراد بالسماء العلو.
وإما أن يراد بها معنى "على" ويكون المراد بالسماء المبنية.
وليس في هذا خلاف عند أهل الحق من أهل السنة والجماعة، ولا يجوز الحمل على غير ذلك.
تاسعاً: تصريحه تعالى بأنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه. قال تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} 2.
واللغة العربية التي خاطبنا الله بها وفهمها العرب الفصحاء تبين بأن تدبير أمر السماء إلى الأرض إنما يدبره المدبر وهو في السماء لا في الأرض والمعروف عند العرب أن المعارج هي المصاعد.
عاشراً: إخباره ـ تعالى ـ عن فرعون أنه حاول الصعود إلى السماء ليطلع إلى إله موسى فيكذبه فيما أخبره به ممن أنه ـ سبحانه ـ فوق السموات قال تعالى حكاية عن فرعون: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً} 3.
فالذي ينفي العلو من الجهمية فهو فرعوني، والذي أثبته فهو موسوي محمدي.
قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي:
"ففي هذه الآية بيان بين، ودلالة ظاهرة أن موسى كان يدعو فرعون إلى معرفة الله بأنه
1- سورة الملك، آية: 16، 17.
2- سورة السجدة، آية: 5.
3- سورة غافر، آية: 36، 37.