وعلى هذا أجمع علماء المسلمين على أن من قال: "لا إله إلا الله" ولم يعتقد معناها ولم يعمل بمقتضاها، يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفي والإثبات. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن قتال التتار مع التمسك بالشهادتين ولما زعموا من إتباع أصل الإسلام فقال: "كل طائفة ممتنعة من التزام شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم أو غيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم ... فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، والأموال والخمر، والزنا، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته ـ التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء" اهـ1.
أما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه "وحسابهم على الله"2 أي أن الله تبارك وتعالى هو الذي يتولى حساب الذي يقول كلمة التوحيد بلسانه فقط فإن كان صادقاً في قوله جازاه بجنات النعيم وإن كان يقولها نفاقاً فله من الله العذاب الأليم.
وأما في الدنيا فيحكم له بالظاهر فمن أتى بالتوحيد ولم يأت بما يناقضه ظاهراً والتزم بشرائع الإسلام وجب الكف عنه.
والذي نخلص إليه مما تقدم أن الاقتصار على الإقرار بتوحيد الربوبية لا أثر له في عصمة المال والدم.
1- مجموع الفتاوى 28/502 ـ 503.
2- تقدم تخريجه قريباً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.