وهذا هو الذي قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب لأنهم أشركوا في الإلهية قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لله} 1 وقال تعالى: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 2 ...
وأما النوع الثاني: فالشرك في الربوبية فإن الرب ـ سبحانه وتعالى ـ هو المالك المدبر المعطي المانع الضار النافع الخافض الرافع المعز المذل فمن شهد أن المعطي أو المانع أو الضار أو المعز، أو المذل غيره فقد أشرك بربوبيته3.
وقال العلامة ابن القيم: مبيناً نوعي الشرك الأكبر:
الشرك شركان:
النوع الأول: شرك يتعلق بذات المعبود، وأسمائه وصفاته وأفعاله.
النوع الثاني: شرك في عبادته ومعاملته، وإن كان صاحبه يعتقد أنه ـ سبحانه ـ لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله ثم إن القسم الأول نوعان:
أحدهما: شرك التعطيل وهو أقبح أنواع الشرك كشرك فرعون إذ قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} 4 وقال تعالى مخبراً عنه أنه قال لهامان: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبَاً} 5 والشرك والتعطيل متلازمان فكل مشرك معطل، وكل معطل مشرك، لكن الشرك لا يستلزم أصل التعطيل، بل قد يكون المشرك مقراً بالخالق ـ سبحانه ـ وصفاته ولكنه عطل حق التوحيد وأصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها هو التعطيل وهو ثلاثة أقسام:
الأول: تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه.
الثاني: تعطيل الصانع ـ سبحانه ـ عن كماله المقدس بتعطيل أسمائه وأوصافه وأفعاله.
1- سورة البقرة آية: 165.
2- سورة ص آية: 5.
3- مجموع الفتاوى 1/91 ـ 92.
4- سورة الشعراء آية: 23.
5- سورة غافر آية: 36 ـ 37.