إلا أنه صلى الله عليه وسلم علمنا دعاءاً ندعو الله به يكون كفارة لما يحصل للإنسان من هذا الداء العضال.
روى الإمام أحمد بإسناده إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه خطب الناس يوماً ـ فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقام إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقالا: والله لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر مأذون لنا أو غير مأذون قال: بل أخرج مما قلت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: أيها الناس اتقوا هذه الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل" فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال قولوا: "اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم" 1.
فهذا الحديث بين لنا فيه صلى الله عليه وسلم كفارة الشرك الخفي، نسأل الله أن يجنبنا الوقوع في الأمور التي تغضبه ـ سبحانه ـ وقد اختار أكثر العلماء الذين ألفوا في التوحيد أن الشرك ينقسم إلى نوعين أكبر وأصغر، فيكون الشرك الخفي من أنواع الشرك الأصغر على قول من قال: إن الشرك على نوعين وهذا الخلاف في التقسيم إلى نوعين وإلى ثلاثة إنما هو خلاف لفظي لأن ما يفسر به الشرك الخفي هو ما يفسر به الشرك الأصغر وحيث ذكرنا أنواع الشرك فإنه من المستحسن أن نردف ذلك بذكر أنواع الكفر وأنواع النفاق لأنها كلها من الأمور المهلكة لم شرح صدره بها.
أنواع الكفر:
قال العلامة ابن القيم: "فأما الكفر فنوعان: كفر أكبر وكفر أصغر، فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار والأصغر موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود"2.
أنواع الكفر الأكبر:
الكفر الأكبر خمسة أنواع:
النوع الأول: كفر التكذيب وهو اعتقاد كذب الرسل وهذا القسم قليل في الكفار فإن
1- 4/403.
2- مدارج السالكين 1/335.