أو نحاس أو خشب كانوا يعبدونه متقربين به إلى الله ـ تعالى ـ وجمعه "أصنام" قال الله ـ تعالى ـ {أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 1.
قال بعض الحكماء: كل ما عبد من دون الله بل كل ما يشغل عن الله ـ تعالى ـ يقال له "صنم".
وأما الوثن: فإنه قال فيه "الوثن واحد الأوثان وهو حجارة كانت تعبد، قال تعالى: {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً} 2.
وممن فرق بين الصنم والوثن الشيخ عبد الرحمن بن حسن فقال: "الصنم ما كان منحوتاً على صورة، والوثن ما كان موضوعاً على غير ذلك.."
إلى أن قال: "وقد يسمى الصنم وثناً كما قال الخليل عليه السلام: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً} 3 ويقال: إن الوثن أعم وهو قوي، فالأصنام أوثان كما أن القبور أوثان"اهـ4.
ونقول: مهما وجدت من فروق بين الأصنام والأوثان في المادة والهيئة، فغرض الوثنين منها واحد وهو عبادتها من دون الله ـ تعالى ـ على أي كيفية كانت وعلى أي صورة وجدت، ولقد انتشرت عبادة الأصنام والأوثان بين العرب الجاهليين انتشاراً هائلاً ولقد صوَّر لنا ابن إسحاق5 رحمه الله ـ تعالى ـ بدء الانحراف عند العرب من نسل إسماعيل عليه السلام في عبادتهم، فقد كان أول انحرافهم أنهم كانوا يعظمون الحرم فلا يرتحلون منه حتى كثروا وضاقت بهم مكة فأخذوا يرتحلون عنه طالبين السعة والفسح في البلاد فكان لا يظعن ظاعن منهم عن الحرم إلى غيره إلا حمل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً له.
1- سورة الأنعام آية: 74.
2- المفردات للراغب ص287، 512 والآية رقم 25 من سورة العنكبوت.
3- سورة العنكبوت آية: 17.
4- فتح المجيد ص79.
5- محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي بالولاء المدني من أقدم مؤرخي العرب من أهل المدينة وكان من أحسن الناس سياقاً للأخبار مات سنة إحدى وخمسين ومائة وقيل سنة اثنتين وخمسين ومائه انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 1/172، تهذيب التهذيب 9/38 ـ 46 الأعلام للزركلي 6/252.