5 ـ ومن القرائن القوية القاطعة على وقوع التحريف في هذه الكتب ما تضمنته من العقائد الباطلة، والتصورات الفاسدة عن ـ الباري جل وعلا ـ وعن رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام فإنه يوجد فيها تشبيه الخالق بالمخلوق، والطعن في الأنبياء بما يمس كرامتهم ويتنافى مع عصمتهم1 وذلك من أعظم الأدلة وأقواها على أن ذلك من وضع البشر الذين اتبعوا أهواءهم وعبدوا شياطينهم.
والذي نخلص إليه مما تقدم أن الإيمان بالكتب السماوية الإلهية أحد أركان الإيمان التي بنيت عليها العقيدة الإسلامية، فلا إسلام صحيح ولا إيمان ثابت لأحد حتى يؤمن الإيمان الجازم بأنها نزلت من عند الله، وأنها كلامه تكلم بها حقيقة على ما يليق بجلاله، ويزاد في القرآن الكريم على ذلك أنه خاتمة الكتب والمهيمن عليها، والمعجزة الخالدة، وأن كل لفظ فيه محفوظ، ويجب الإقرار بما فيه، وإتباع أمره، واجتناب نهيه، وتصديق خبره، ورفض كل ما يخالفه، ويخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" 2.
1- من ذلك ما جاء في التوراة المتداولة عندهم فإنه قد جاء في سفر التكوين "وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً بالخير والشر" وفيه أيضاً: "فحزن الرب أنه عمل الإنسان وتأسف في قلبه" ومما جاء فيه "مما يمس شرف الأنبياء وينافى مع عصمتهم ما قالوه عن إبراهيم عليه السلام إنه كذاب وأن لوطاً زنى بابنتيه" وفي سفر الخروج: "زعموا أن هارون دعا الإسرائيليين إلى عبادة العجل" وفي سفر صموئيل الثاني: زعموا أن داود زنا" وفي سفر الملوك الأول: "زعموا أن سليمان عبد الأصنام إرضاء لبعض نسائه" انظر هذه التحريفات الفاسدة في "العهد القديم" من "الكتاب المقدس" ص7 وص10 وص29 وص140 وص498 وص553 ـ 554. وهذه المفتريات من أقوى الأدلة وأظهرها على التحريف الذي غيروا به كتب الله المنزلة على أنبيائهم.
2- رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 1/134.