لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} 1. وقد تحدى الله بهذا الكتاب أرباب الفصاحة، وقادة البلاغة من العرب، فقد كانت البلاغة والفصاحة وجودة القول هي بضاعتهم وقد تصدوا لمعاداة دعوة الإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ولكن رغم فصاحتهم وبلاغتهم تحداهم الله عن أن يأتوا بشيء من مثله، ولكنهم عجزوا عن ذلك قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} 2.
2ـ انشقاق القمر:
ومن المعجزات التي أيد الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر فقد سأل أهل مكة الرسول عليه الصلاة والسلام آية فانشق القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما، وقد كان القمر حين انشقاقه بدراً، وقد ذكر الله هذه الآية العظيمة في كتابه فقال عز وجل: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} 3.
وقد نقل العلامة ابن كثير: "إجماع المسلمين على وقوع هذه الآية، كما ذكر أنه قد وردت أحاديث متواترة من طرق متعددة في انشقاق القمر"4.
وقد شاهد هذه المعجزة الناس في أرجاء الجزيرة العربية، فإن أهل مكة لم يصدقوا وقالوا: سحرنا محمد، ولكنهم استدركوا قائلين: انظروا ما يأتيكم به المسافرون فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس جميعهم وفي اليوم الثاني سألوا من وفد إليهم، من خارج مكة، فأخبروهم أنهم قد رأوه.
وقد شاهد الناس انشقاق القمر في خارج جزيرة العرب. قال ابن كثير: "وشوهد انشقاقه في كثير من بقاع الأرض، ويقال إنه أرخ ذلك في بعض بلاد الهند، وبني بناء في تلك الليلة وأرخ بليلة انشقاق القمر"5.
1- سورة فصلت آية:41 ـ 42.
2- سورة البقرة آية:23 ـ 24.
3- سورة القمر آية:1 ـ 2.
4- البداية والنهاية /130.
5- البداية والنهاية 3/132.