فالآيتان الأوليان من هذه الآيات الأربع قد تقدم الكلام عليهما عند الحديث على إثبات صفة العلم بما أغنى عن إعادته هنا.
وأما الآية الثالثة فهي قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} .
فقد قال الإمام البغوي رحمه الله تعالى حول هذه الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من سبق في علم الله أنه من أهل النار. وقيل: كلمة العذاب قوله: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ} 1 وقيل: كلمة العذاب قوله: "هؤلاء في النار ولا أبالي"2. {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} أي لا تقدر عليه قال ابن عباس: يريد أبا لهب وولده" اهـ3.
وقال ابن جرير رحمه الله ـ تعالى ـ: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أفأنت تنقذ يا محمد من هو في النار من حق عليه كلمة العذاب، فأنت تنقذه فاستغنى بقوله {تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} عن هذا ... إلى أن قال: وإنما معنى الكلمة أفأنت تهدي يا محمد من قد سبق له في علم الله أنه من أهل النار إلى الإيمان فتنقذه من النار بالإيمان لست على ذلك بقادر اهـ4.
وقال العلامة ابن كثير: " {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} يقول تعالى: أفمن كتب الله عليه أنه شقي تقدر تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك؟ أي لا يهديه أحد من بعد الله لأنه من يضلل الله فلا هادي له ومن يهده فلا مضل له" اهـ5.
وأما الآية الرابعة: وهي قوله ـ تعالى ـ: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} .
فقد أوضحت أن كلمة العذاب وجبت على الكافرين، وكلمة العذاب هي
1- سورة هود آية: 119.
2- رواه أحمد في مسنده من حديث معاذ رضي الله عنه 5/239.
3- تفسير البغوي على حاشية تفسير الخازن 6/59 ـ 60.
4- جامع البيان 23/207 ـ 208.
5- تفسير ابن كثير 6/85.