وقال قتادة {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ} قال: هي السنون يعني الجدب {وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ} يقول: الأوجاع والأمراض.
قال: "وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ولا خلجان عرق إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر" اهـ1.
قال ابن كثير: وهذه الآية الكريمة العظيمة من أدل دليل على القدرية نفاة ـ العلم السابق ـ قبحهم الله اهـ2.
وأما قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} 3 فهو إخبار منه ـ تعالى ـ بأن علمه بكل الأشياء قبل أن تكون وكتابته لها على وفق وجودها في حينها سهل عليه ـ جل وعلا ـ لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
وقد دلت السنة على مرتبة الكتابة في أحاديث كثيرة.
روى مسلم صحيحه بإسناده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال: وعرشه على الماء" 4.
وروى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين قال: إني عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: "اقبلوا البشرى يا بني تميم" قالوا: بشرتنا فأعطنا، فدخل ناس من أهل اليمن فقال: "اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم" قالوا: قبلنا جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذه الأمر ما كان؟ قال: كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء" ثم أتاني رجل فقال: يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها فإذا السراب ينقطع دونها، وأيم الله لوددت أنها ذهبت ولم أقم5.
1- جامع البيان 27/434.
2- تفسير القرآن العظيم 6/565.
3- سورة الحديد آية: 22.
4- صحيح مسلم 4/2044.
5- فتح الباري 13/403.