العكاظي" وعزاه الثعلبي في تفسيره لرواية أبي هريرة وحكاه البيهقي عن أبي منصور الأزهري وبعد عرضه لأدلة الفريق الثاني قال: "وهذا وإن كان ظاهره يخالف القول الأول فيمكن الجمع بأن ذلك كله يقع لأرض الدنيا لكن أرض الموقف غيرها" أ. هـ1.
أما العلامة ابن جرير فقد أجمل الأقوال في أرض المحشر في خمسة أقوال ونسب كل قول إلى قائله من السلف عند قوله ـ تعالى ـ {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} 2 حيث قال رحمه الله: "واختلف في معنى قوله {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} ".
فقال بعضهم: معنى ذلك يوم تبدل الأرض التي عليها الناس اليوم في دار الدنيا غير هذه الأرض فتصير أرضاً بيضاء كالفضة. وقد عزا هذا القول إلى عبد الله بن مسعود وعمرو بن ميمون ومجاهد.
وقال آخرون: تبدل ناراً وقد أسند هذا القول إلى ابن مسعود أيضاً وذكر له روايتين ليستا مرفوعتين.
وقال آخرون: بل تبدل الأرض أرضاً من فضة، وقد عزا هذا القول إلى أنس بن مالك وابن عباس وعلي بن أبي طالب إلا أنه لم يبين من سمعها عن علي رضي الله عنه.
وقال آخرون: يبدلها خبزة وقد بين بأن القائل بهذا القول هو سعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي، أو عن محمد بن قيس.
وقال آخرون: تبدل الأرض غير الأرض وقد عزا هذا القول إلى كعب ورواية عن أبي هريرة مرفوعة ولم يسم الراوي عنه وإلى عمرو بن ميمون الأودي3.
وبعد أن انتهى من عرض الأقوال ونسبتها إلى أصحابها اختار قولاً منها ورجحه.
فقال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: يوم تبدل الأرض التي نحن عليها اليوم يوم القيامة غيرها وكذلك السموات ـ اليوم تبدل غيرها كما قال جل ثناؤه، وجائز أن تكون ناراً، وجائز أن تكون خبزاً، وجائز أن تكون غير ذلك، ولا خبر في ذلك
1- انظر فتح الباري 11/375 ـ 376.
2- سورة إبراهيم آية: 48.
3- جامع البيان 13/249 ـ 252، التذكرة للقرطبي ص191 ـ 192.