يقول تعالى ذكره: لهم عند ربهم يوم القيامة ما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم ذلك جزاء المحسنين.
يقول تعالى ذكره: هذا الذي لهم عند ربهم جزاء من أحسن في الدنيا فأطاع الله فيها وائتمر لأمره، وانتهى عما نهاه فيها عنه.
وقال أيضاً: رحمه الله ـ تعالى ـ عند قوله تعالى: {لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
يقول تعالى ذكره: وجزى هؤلاء المحسنين ربهم بإحسانهم، كي يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا في الدنيا من الأعمال، فيما بينهم وبين ربهم، بما كان منهم فيها من توبة، وإنابة، مما اجترحوا من السيئات فيها.
{وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ} يقول: "ويثيبهم ثوابهم {بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا} في الدنيا {يَعْمَلُونَ} مما يرضي الله عنهم دون أسوئها" أ. هـ1.
وأما الآية السادسة: وهي قوله ـ تعالى ـ {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} .
بينت أنه ـ تعالى ـ سيوفي كل نفس يوم القيامة جزاء عملها بالعدل التام، والقسط العظيم لأنه جزاء صادر ممن لا يظلم مثقال ذرة، وممن هو محيط بكل شيء، وكتابه الذي هو اللوح المحفوظ محيط بكل ما عملوه والحفظة الكرام الذين لا يعصون ربهم طرفة عين قد كتبوا كل ما عمله بنو آم، وسيجازي ـ سبحانه ـ العباد على أعمالهم بما يستحقون من الثواب والعقاب ولذلك قال ـ جل شأنه ـ {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} .
قال عطاء: "يريد أني عالم بأفعالهم لا أحتاج إلى كاتب ولا إلى شاهد"2.
وقال ابن جرير حول هذه الآية: "يقول تعالى ذكره ووفى الله حينئذ كل نفس جزاء عملها من خير وشر وهو أعلم بما يفعلون في الدنيا من طاعة، أو معصية ولا يعزب عنه علم
1- جامع البيان 24/5.
2- معالم التنزيل للبغوي على تفسير الخازن 6/71.