قال أبو الأشد بن الجمحي: "لا يبلغون رتوتي حتى أجهضهم عن جهنم"1.
وكما جعل الله ذلك العدد فتنة للذين كفروا بالله من قريش جعله استيقاناً لأهل الكتاب وليزداد الذين آمنوا إيماناً.
قال تعالى: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} 2 فقد أخبر ـ تعالى ـ أن عدة خزنة جهنم ليستيقن به أهل التوراة والإنجيل حقيقة ما في كتبهم من الخبر عن عدة خزنة جهنم، إذا وافق ذلك ما أنزل الله في كتابه على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال قتادة: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} قال: يصدق القرآن الكتب التي كانت قبله فيها كلها، التوراة والإنجيل أن خزنة النار تسعة عشر.
وقال الضحاك بن مزاحم: "عدة خزنة جهنم تسعة عشر في التوراة والإنجيل"3.
وروى الترمذي بإسناده إلى جابر رضي الله عنه قال: "قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هل يعلم نبيكم كم عدد خزنة جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسأله، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد غلب أصحابك اليوم. قال: وبما غلبوا؟ قال: سألهم يهود هل يعلم نبيكم كم عدد خزنة جهنم قال: فما قالوا؟ قال: قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا قال: أفغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا لكنهم قد سألوا نبيهم فقالوا: أرنا الله جهرة عليّ بأعداء الله إني سائلهم عن تربة الجنة وهي الدرمك فلما جاءوا قالوا: يا أبا القاسم كم عدد خزنة جهنم؟ قال: هكذا وهكذا في مرة عشرة وفي مرة تسعة قالوا: نعم" ... الحديث4.
فعدد خزنة جهنم تسعة عشر كما نص الله ـ تعالى ـ على ذلك في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل وفي الكتب السابقة التوراة والإنجيل.
وقد وصف الله ـ تعالى ـ هؤلاء الخزنة بأنهم غلاظ شداد.
قال تعالى: {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا
1- المصدر السابق 29/160.
2- سورة المدثر آية: 31.
3- جامع البيان عن تأويل آي القرآن 29/161.
4- سنن الترمذي 4/102.