قول: "ولعذاب الله إياهم في الآخرة إذا أدخلهم النار فعذبهم بها أكبر من العذاب الذي عذبهم به في الدنيا لو كانوا يعلمون: يقول لو علم هؤلاء المشركون من قريش ذلك"1.
وأما الآية الرابعة والخامسة: من مجموعة الآيات المتقدمة قريباً، وهما قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} .
فقد بين ـ تعالى ـ فيهما أن للمشركين والكافرين يوم القيامة ـ سوء العذاب ـ وهو أشده وأفظعه لأنهم أصروا على الكفر الذي ليس بعده ذنب وأنهم على الفرض والتقدير لو كان لهم ما في الأرض جميعاً من ذهبها وفضتها وحيواناتها وأشجارها وزروعها وجميع أوانيها وأثاثها، ومثله معه، ثم بذلوه يوم القيامة ليفتدوا به من العذاب، وينجوا منه، ما قبل منهم ولا أغنى عنهم من عذاب الله شيئاً، وحينئذ يظهر لهم من سخط الله وغضبه وانتقامه وبطشه ما لم يمر لهم على بال، أو يدور بخلد.
وهناك يتضح لهم قبائح أعمالهم، وتحيط بهم خطيئآتهم ويحدق بهم العذاب الذي كانوا يسخرون من ذكره أو الإنذار به2 {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} .
وببيان معاني الآيات الخمس المتقدمة من السورة تبين وجه دلالة السورة على شدة عذاب جهنم وهوله وأن عذابها لا يقادر قدره، ولا يخطر على بال.
وقد وردت آيات كثيرة في معنى تلك الآيات التي تقدم ذكرها وكلها تبين شدة عذاب جهنم وإحاطته بالكافرين من جميع الجهات والجوانب.
قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} 3.
1- جامع البيان 23/212.
2- مستفاد من "جامع البيان" 24/11 ـ 12، وتفسير القرآن العظيم 6/98 ـ 99، ومعالم التنزيل للبغوي على حاشية تفسير الخازن 6/66.
3- سورة الأعراف آية: 41.