وهذان الحديثان فيهما بيان لشدة عذاب جهنم، وأن عذابها أليم، لا يقادر قدره، ويجب الفرار منه بطاعة الله ـ عز وجل ـ.
ثم من المتعارف عليه عند الناس في هذه الحياة الدنيا أنهم يوقدون لما يحتاجون إليه من طعام وغيره بالحطب من الأشجار، وبما استجد من الغازات في عصرنا هذا وغير ذلك مما هو صالح استعماله للوقود.
أما وقود جهنم فإنه الناس والحجارة. كما قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} 1.
قال ابن جرير: "فإن قال قائل: وكيف خصت الحجارة فقرنت بالناس حتى جعلت لنار جهنم حطباًَ؟ قيل: إنها حجارة الكبريت وهي أشد الحجارة فيما بلغنا حرّاً إذا أحميت.
وروى بإسناده إلى ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} قال: "هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السموات والأرض في السماء الدنيا يعدها للكافرين".
وفي رواية ثانية عنه أنه قال في قوله: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} قال: حجارة الكبريت جعلها الله كما شاء.
وقال ابن عباس وغيره: في قوله {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} .
أما الحجارة فهي حجارة في النار من كبريت أسود يعذبون به مع النار2.
قال القرطبي في شأن هذه الحجارة: "وخصت بذلك لأنها تزيد على جميع الحجارة بخمسة أنواع من العذاب.
1ـ سرعة الإيقاد.
2ـ ونتن الرائحة.
3ـ وكثرة الدخان.
4ـ وشدة الإلتصاق بالأبدان.
1- سورة البقرة آية: 24.
2- انظر هذه الروايات في جامع البيان 1/168 ـ 169.