نفرت من توحيد الله {وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} يقول: وإذا ذكر الآلهة التي يدعونها من دون الله مع الله فقيل: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى1 إذا الذين لا يؤمنون بالآخرة يستبشرون بذلك ويفرحون" اهـ2.
جـ ـ ومن صفات أهل النار التي ذكرت في السورة الإستكبار عن الإيمان بآيات الله والترفع عنها، وعدم الإذعان والإنقياد لها.
قال تعالى: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} .
وهاتان الآيتان من السورة بين الله ـ تعالى ـ فيهما أن الإستكبار عن الحق، والتكبر على الخلق من موجبات النار.
قال ابن رجب رحمه الله ـ تعالى ـ: "وأما المستكبر فهو الذي يتعاطى الكبر على الناس والتعاظم عليهم، وقد قال تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} اهـ3.
فقوله ـ تعالى ـ: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} تضمنت ثلاث صفات كلها بلغت النهاية في القبح، وتدل على شناعة الإستكبار، فالمستكبر يقع بين أقبح الجرائم على الإطلاق، وهما التكذيب بآيات الله وهو كفر، ثم الكفر الصريح دل على ذلك قوله تعالى {وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} .
وأما قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} .
فقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ} كلمة شاملة يدخل فيها من كذب على الله بادعاء الولد، أو الشريك، أو الصاحبة، أو المعبود الذي يزعمون أنه يقرب إلى الله أو يشفع عنده، أو يزعم أن الله حرم شيئاً، أو أحل شيئاً ـ خلاف ما جاء به دينه الحنيف كتحريم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي التي كان يفتريها المشركون على الله بغير علم.
1- كأنه يشير إلى قصة الغرانيق وهي قصة باطلة انظر كتاب "نصب المنجانيق لنسف قصة الغرانيق" للألباني.
2- جامع البيان 24/10.
3- التخويف من النار ص198.