المبحث الأول: كيفية دخول أهل الجنة الجنة
لقد بين الله في سورة "الزمر" الكيفية التي يدخل بها المتقون الجنة بقوله ـ تعالى ـ {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} 1 فقد بين تعالى أن دخولهم الجنة يكون على هيئة جماعات متتابعة، وأفواج متتالية كما يفهم ذلك من قوله ـ عز وجل ـ {زُمَراً} ودخولهم الجنة على هذا النحو يجعلهم فرحين مستأنسين بعضهم ببعض.
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة كل زمرة على حدة.
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون فيها. آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم من الألوة2 ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشياً" 3.
وهذه الصفات في هذا الحديث هي صفات السابقين الذين كانوا في دنياهم سبّاقين إلى فعل الخيرات فكان جزاؤهم في الآخرة أن سبقوا إلى الجنات، إذ سبقهم في الآخرة كان على قدر سبقهم إلى الطاعات في هذه الحياة الدنيا.
1- جاء في اللسان: "والزمرة الفوج من الناس والجماعة من الناس وقيل: الجماعة في تفرقة، والزمر الجماعات" اهـ. 4/328.
2- الألوة: في النهاية: "هو العود الذي يتبخر به" 1/63.
3- صحيح البخاري 2/217، صحيح مسلم 4/2180.