المبحث السادس: غرف الجنة، وقصورها وأنهارها
قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعَادَ} .
هذه الآية الكريمة من السورة بين الله ـ تعالى ـ فيها ما أعده للمتقين من عوالي الغرف في الجنة.
والمتقون الذين ينالون هذه الغرف هم الذين اتقوا سخط الله وعقابه بترك الشرك والمعاصي، وإخلاص العبادة لله باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
فهؤلاء لهم محالّ إقامة رفيعة، مستعلية بعضها فوق بعض درجات ثابتة ثبات البناء المستقر، والأنهار تجري من تحت تلك الغرف والقصور العالية، وأنهار الجنة ليس بينها وبين أنهار الدنيا تشابه إلا في الإسم فقط، وجريان الأنهار من تحت تلك الغرف والقصور مما يزيدها بهجة وجمالاً، وهي حاصلة، ومتحققة لعباد الله المؤمنين لأن الله وعدهم بتلك الغرف المتعالية التي تجري من تحتها الأنهار وعداً صادقاً لا يتخلف لأنه من الله الذي لا يخلف وعده.
قال ابن جرير: وقوله {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} يقول تعالى ذكره: لكن الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه، واجتناب محارمه، لهم في الجنة غرف من فوقها غرف مبنية علالي بعضها فوق بعض {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} .
يقوله تعالى ذكره: تجري من تحت أشجار جناتها الأنهار وقوله: {وَعْدَ اللهِ} يقوله جل ثناؤه: وعدنا هذه الغرف التي من فوقها غرف مبنية في الجنة هؤلاء المتقين.