وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} 1.
أخبر ـ تعالى ـ في هاتين الآيتين بأنه أعد لعباده السعداء وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات الفردوس نزلاً ـ "والنزل: هو ما يهيأ من الإكرام للضيف أو القادم ومعنى قوله ـ تعالى ـ: {خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} أي: خالدين في جنات الفردوس لا يبتغون عنها حولاً أي: تحولاً إلى منزل آخر، لأنها لا يوجد منزل أحسن منها يرغب في التحول إليه عنها بل هم خالدون فيها دائماً من غير تحول ولا انتقال"2.
قال ابن كثير: "وفي قوله: {لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} تنبيه على رغبتهم فيها وحبهم لها، مع أنه قد يتوهم فيمن هو مقيم في المكان دائماً أنه قد يسأمه، أو يمله، فأخبر أنهم مع هذا الدوام والخلود السرمدي لا يختارون عن مقامهم ذلك متحولاً ولا انتقالاً ولا ظعناً ولا رحلة ولا بدلاً"اهـ3.
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً} 4.
هذه الآية بين الله فيها أن الذين صدقوا الله ورسوله وأقروا له بالوحدانية ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وأدوا مع ذلك فرائض الله التي فرضها عليهم، فإن جزاءهم أن يدخلهم يوم القيامة إذا صاروا إلى الله جنات يعني: بساتين تجري من تحتها الأنهار {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} أي: باقين في هذه الجنات التي هذا وصفها أبداً دائماً"5.
وقال تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 6.
1- سورة الكهف آية: 108.
2- أضواء البيان 4/197.
3- تفسير القرآن العظيم 4/431.
4- سورة النساء آية: 122.
5- جامع البيان 5/287.
6- سورة المائدة آية: 119.