الثالث: أن يكون بمعنى الشديد "القوي" يقال: عزيعز، بفتح العين في المضارع إذا اشتد وقوي ومنه قوله تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} 1 أي شددنا وقوينا وإذا سمي "القوي" الذي قد يضعف، والقادر الذي قد يعجز "بالعزيز" فلأن يسمى "القادر" الذي يستحيل في حقه العجز "عزيزاً" من باب أولى.
الرابع: أن يكون بمعنى "المعز" على وزن "فعيل" بمعنى "مفعل" كالأليم بمعنى المؤلم وعلى كل فعلى المعنى الأول يرجع إلى التنزيه، وعلى المعنى الثاني والثالث يعود إلى صفة الذات، وهي القدرة.
وعلى المعنى الرابع يرجع إلى صفو "الفعل"2.
وقد ورد هذا الاسم الشريف في مواضع كثيرة من كتاب الله ـ تعالى ـ وكثرة تكراره دليل ناصع على إثبات صفة "العزة" لله تعالى ثبوتاً قطعياً يليق بجلاله ـ سبحانه ـ من غير تمثيل، ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تحريف، ولا عبرة بمن نفى الصفة وأثبت الاسم كما هو مذهب المعتزلة3 ولا قيمة لمن نفى الأسماء والصفات كما هو مذهب الجهمية4 النفاة، ومذهبهم في الحقيقة يؤدي إلى القول بالعدم المحض وهو من أفسد المذاهب.
فصفة العزة ثابتة بنص كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن رغمت أنوف الجهمية والمعتزلة، وإليك بعض الآيات في ذلك: قال تعالى: {وَلِلهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} 5 فكل من له نوع بصيرة يعلم أن القوة والغلبة في الحقيقة ـ للباري سبحانه وتعالى ـ وحده ثم لمن أفاضها عليه من رسله، والصالحين من عباده ـ وعزته تعالى ـ غلبته وقهره لأعدائه، وعزة رسوله صلى الله عليه وسلم إظهار دينه على كل الأديان، وعزة عباده المؤمنين، نصره لهم على أعدائهم
1- سورة يس، آية: 14.
2- تفسير اسما الله الحسن للرازي ص194ـ195.
3- يطلق اسم المعتزلة على الذين يجمعون القول بالأصول الخمسة: التوحيد، والعدل، والوعد، والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ويقولون بإثبات الأسماء ونفي الصفات، انظر آراءهم، وأقوالهم في "مقالات الإسلاميين" 1/235ومابعدها "الملل والنحل للشهرستاني" 1/43 وما بعدها، الفرق بين الفرق ص114 التبصير في الدين لأبي المظفر الإسفراييني ص63.
4- انظر مقالات الإسلاميين 1/338، الملل والنحل للشهرستاني 1/86 وما بعدها الفرق بين الفرق ص211ـ212، التبصير في الدين ص107ـ 108، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ص68.
5- سورة المنافقون، آية: 8.