القسم الثاني:
إضافتها إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى خالقه وهي: العزة المخلوقة التي يعز بها أنبياءه وعباده الصالحين وهي ما يحصل لهم من النصر والتأييد وغلبة الأعداء، وقدمنا ما يدل على ذلك من القرآن1.
وحيث قلنا: إن القرآن دل على إثباته صفة العزة في كثير من آياته كذلك السنة دلت على ما دل عليه القرآن فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أيوب يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك ولكن لا غنى لي عن بركتك"2.
وروي أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل يخالف الله وجهه عن النار قبل الجنة، ومثل له شجرة ذات ظل فقال: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها قال الله ـ عز وجل ـ له هل عسيت إن فعلت أن تسأل غيره؟ قال لا وعزتك فيقدمه الله ـ تعالى ـ إليها، ومثل له ذات ظل وثمر فقال: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها وآكل من ثمرها قال الله هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره؟ قال لا وعزتك فيقدمه الله إليها فيمثل له شجرة أخرى ذات ظل وثمر وماء فيقول: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها وآكل من ثمرها وأشرب من ماءها فيقول الله ـ عز وجل ـ هل عسيت إن فعلت أن تسألني غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره فيقدمه الله ـ تعالى ـ إليها...." الحديث3.
وروى أبو داود4 في سننه من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد أن يبطلني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعل يدك اليمنى عليه
1- بدائع الفوائد لابن القيم: 2/185.
2- صحيح البخاري 1/61، وسنن النسائي 1/201، والمسند 2/243.
3- صحيح البخاري 4/284، وأحمد في المسند 1/394.
4- هو: سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني أبو داود إمام أهل الحديث في زمنه، وهو أحد أئمة الحديث الستة ولد سنة اثنتين ومائتين وتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين هجرية. انظر ترجمته في: "تذكرة الحفاظ للذهبي 2/591 ـ 593، تاريخ بغداد 9/55 -59، وفيات الأعيان 1/214".