ونحن نعلم أن الرسل لا يُخبِرون بمحالات العقول، بل بمحارات العقول، فلا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه، بل يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته.
16 - عدم جواز تكفير المسلم بذنب فعله إذا كان دون الشرك الأكبر، وكان هذا الذنب مما اختلف فيه، ولا بخطأ أخطأ فيه: يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية [1] - رحمه الله - وهو بصدد الحديث عن قاعدة أهل السنة والجماعة في أهل الأهواء والبدع:
" ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله، ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة، فإن الله تعالى قال:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] وقد ثبث في الصحيح أن الله تعالى أجاب هذا الدعاء، وغفر للمؤمنين خطأهم (2)
(1) " مجموعة الفتاوى لابن تيمية ": (3 / 282 - 285) .
(2) أخرج مسلم في صحيحه في كتاب الإِيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إِلا ما يطاق: (126) ، والترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب " ومن سورة البقرة ": (2992) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) [البقرة: 284] ، قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قولوا: سمعنا وأطعنا وسلّمنا " قال: فألقى الله الإِيمان في قلوبهم فأنزل الله عز وجل: (لا يكلف الله نفسًا إِلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إِن نسينا أو أخطأنا) ، قال: قد فعلت، (ربنا ولا تحمل علينا إِصرا كما حملته على الذين من قبلنا) ، قال: قد فعلت، (واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا) ، قال: فعلت [الآية من سورة البقرة: 286] . كما أخرجه مسلم من طريق آخر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (125) .