نام کتاب : مختصر إظهار الحق نویسنده : الهندي، رحمت الله جلد : 1 صفحه : 150
التي يعجز الخلق عنها، ومن تأمل في سورة يوسف وقصته عليه السلام عرف أنها مع طولها جاءت في الدرجة العالية من البلاغة.
الوجه الرابع: أن الشاعر أو الكاتب إذا كرر مضمونا أو قصة لا يكون كلامه الثاني مثل الأول، بينما تكررت المضامين القرآنية في قصص الأنبياء وأحوال المبدأ والمعاد والأحكام والصفات الإلهية، واختلفت فيها العبارات إيجازا وإطنابا وغيبة وخطابا، ومع ذلك جاءت هذه المضامين كلها في نهاية الفصاحة، ولم يظهر التفاوت أصلا.
الوجه الخامس: أن القرآن الكريم فيه الأوامر والنواهي وإيجاب العبادات وتحريم القبائح، وفيه الحث على مكارم الأخلاق والعمل للآخرة وتقديمها على الدنيا، وكل ذلك في غاية الفصاحة والبلاغة، علما أن أمثال هذه الأمور توجب تقليل الفصاحة، ولذلك إذا قيل لشاعر فصيح أو كاتب بليغ أن يكتب بعض مسائل الفقه والعقائد في عبارة فصيحة مشتملة على التشبيهات البليغة والاستعارات الدقيقة فإنه يعجز عن ذلك.
الوجه السادس: أن كل شاعر يحسن كلامه في فن ويضعف كلامه في غير ذلك الفن، أما القرآن الكريم فقد جاء فصيحا على غاية الفصاحة في كل فن، ترغيبا كان أو ترهيبا، زجرا كان أو وعظا أو غيرها.
وفيما يلي بعض الأمثلة:
ففي الترغيب مثل قوله تعالى في سورة السجدة آية 17: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]
وفي الترهيب مثل قوله تعالى في سورة إبراهيم آية 15-17: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ - مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ - يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 15 - 17]
نام کتاب : مختصر إظهار الحق نویسنده : الهندي، رحمت الله جلد : 1 صفحه : 150