نام کتاب : مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية نویسنده : عثمان جمعة ضميرية جلد : 1 صفحه : 108
تطور استعمال كلمة التوحيد:
وقد تلحظ من هذا تعدد استعمال هذه الكلمة "التوحيد"، وكيف نقلت من معنى إلى آخر، وتحولت على يد بعض العلماء -في وقت غلب فيه الجدل والبعد عن روح الدين والالتزام الكامل به- إلى صناعة من الصناعات، غير ما أراده السلف من هذه الكلمة. ولذلك يشرح الإمام الغزالي هذا التبديل في معنى التوحيد فيقول:
" ... وقد جعل الآن -في عصر الغزالي- عبارة عن صناعة الكلام ومعرفة طريق المجادلة، والإحاطة بطرق مناقضات الخصوم، والقدرة على التشدق فيها بتكثير الأسئلة وإثارة الشبهات وتأليف الإلزامات، حتى لقب طوائف من الناس أنفسهم بـ: أهل العدل والتوحيد، وسمي المتكلمون العلماء بالتوحيد[1]، مع أن جميع ما هو خاصة هذه الصناعة لم يكن يعرف منها شيء في العصر الأول، بل كان يشتد منهم النكير على من كان يفتح بابا من الجدل والمماراة. فأما ما يشتمل عليه القرآن من الأدلة الظاهرة التي تسبق الأذهان إلى قبولها في أول السماع؛ فلقد كان ذلك معلوما للكل. وكان العلم بالقرآن هو العلم كله، وكان التوحيد عندهم عبارة عن أمر آخر لا يفهمه أكثر المتكلمين، وإن فهموه لم يتصفوا به، وهو: أن يرى الأمور كلها من الله -عز وجل- رؤية تقطع التفاته عن الأسباب والوسائط، فلا يرى الخير والشر كله إلا منه جل جلاله"[2]. [1] وهو اسم قديم أطلقه المعتزلة على أنفسهم, واشتهروا به. [2] 1 "إحياء علوم الدين" للغزالي: 1/ 33.
نام کتاب : مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية نویسنده : عثمان جمعة ضميرية جلد : 1 صفحه : 108