الواحد لا يصدر عنه إلا واحد
هذه المقولة يطلقها الفلاسفة، ومن يوافقهم من المتفلسفة المنتسبين إلى الإسلام ممن يقولون بالعقول العشرة، وأن الله واحد لا يصدر عنه _ عندهم _ إلا واحد وهو العقل الأول على ما سيأتي بيانه.
كما أنها ترد في كتب العقائد خصوصاً في باب القدر، وارتباطه بفعل الأسباب؛ حيث يبين العلماء أن الأسباب لا تستقل بالتأثير، وأنه ما من سبب إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسببه، ولا بد له من مانع يمنع مقتضاه وأثره إذا لم يدفعه الله عنه؛ فليس في الوجود شيء واحد يستقل بفعل شيء إلا الله وحده.
قال الله _ تعالى _: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات: 49] .
أي فتعلمون أن خالق الأزواج واحد.
وأما بالنسبة للمخلوق فليس هناك مخلوق يصدر عنه شيء استقلالاً، بل لا بد له من سبب أو أسباب أخرى تعينه في حصول مسببه، ولا بد له من زوال الموانع التي تمنع تأثيره _كما مر _ 1.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولهذا من قال: إنه لا يصدر عنه إلا واحد؛ لأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد _ كان جاهلاً؛ فإنه ليس في الوجود واحد صدر عنه وحده شيء لا واحد ولا اثنان إلا الله الذي خلق الأزواج كلها
1_ انظر التدمرية ص211.