ثانياً: الخلاف في وقوعه: اختلف الناس في اللفظ المشترك، هل له وجود في اللغة؟ فأثبته قوم، ونفاه آخرون، ولكل منهم أدلته.
وقد نقل هذا الاختلاف جمع من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيميةرحمه الله حيث قال بعد أن ذكر حد المشترك: "فمن الناس من ينازع في وجود معنى هذا في اللغة الواحدة التي تستند إلى وضع واحد، ويقول: إنما يقع هذا في وضعين كما يسمي هذا ابنه باسْمٍ، ويسمي آخر ابنه بذلك الاسم"1.
ونصه هذا يوحي بأنه قائل بوقوع المشترك، وهذا ما يؤكده قوله في موضع آخر: أن "الأسماء المتفقة اللفظ قد يكون معناها متبايناً وهي المشتركة اشتراكاً لفظياً، كلفظ سهيل المقول على الكوكب وعلى الرجل"2.
وقال السيوطي رحمه الله: "واختلف الناس فيه؛ فالأكثرون على أنه ممكن الوقوع؛ لجواز أن يقع إما من واضِعَيْن؛ بأن يضع أحدهما لفظاً لمعنىً، ثم يضعه الآخر لمعنىً آخر، ويشتهر ذلك اللفظ بين الطائفتين في إفادته المعنيين، وهذا على أن اللغات غير توقيفية.
وإما من واضع واحد؛ لغرض الإبهام على السامع؛ حيث يكون التصريح سبباً للمفسدة، كما روي عن أبي بكر رضي الله عنه وقد سأله رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذهابهما إلى الغار: من هذا؟ قال: هذا رجل يهديني السبيل.
والأكثرون _ أيضاً _ على أنه واقع لنقل أهل اللغة ذلك في كثير من الألفاظ.
ومن الناس من أوجب وقوعه _ قال: لأن المعاني غير متناهيةٍ والألفاظ
1_ مجموع الفتاوى 20/227.
2_ مجموع الفتاوى 20/234.