الشك لكانت العبارة عن معنى الريب بالشك خطأ، فلما عبر عن هذا بهذا علم أن المعنى واحد.
قالوا: وإنما يأتي الشعر بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد في مكان واحد تأكيداً ومبالغة، كقولهم:
وهند أتى من دونها النأيُ والبعدُ
فقالوا: فالنأي هو البعد، قالوا: وكذلك قول الآخر إن الحبس هو الإصْرُ.
ونحن نقول: إن في قعد معنىً ليس في جلس، ألا ترى أنا نقول قام ثم قعد وأخذه المقيم والمقْعِدُ وقعدت المرأة عن الحيض ونقول لناس من الخوارج قَعَدٌ ثم نقول: كان مضطجعاً فجلس فيكون القعود عن قيام، والجلوس عن حالة هي دون الجلوس؛ لأن الجَلْسَ: المرتفع فالجلوس ارتفاع عما هو دونه، وعلى هذا يجري الباب كله.
وأما قولهم: إن المعنيين لو اختلفا لما جاز أن يعبر عن الشيء بالشيء _ فإنا نقول: إنما عبر عنه من طريق المشاكلة، ولسنا نقول إن اللفظتين مختلفتان، فيلزمنا ما قالوه، وإنما نقول: إن في كل واحدة منهما معنىً ليس في الأخرى"1.
وقال آخرون: إن الترادف واقع، وله فوائد، وهو قول كثير ممن ألف في هذا الباب كابن خالويه، والفيروزبادي، وغيرهم.
والحاصل _كما قال العلامة عز الدين بن جماعة_: "أن من جعلها مترادفة ينظر إلى اتحاد دلالتها على الذات، ومن يمنع ينظر إلى اختصاص بعضها بمزيد
1_ الصاحبي ص59_60.