فهم يظهرون مذهب أهل السنة _ الذي يرونه باطلاً _ ويكتمون مذهب الرافضة الذي يرونه حقاً.
والشيعة أعطوا التقية صفة التقديس والتعظيم، فجعلوها أساساً لدينهم، وأصلاً من أصولهم ...
وهم يزعمون أنهم يعتمدون في التقيَّة على قوله _ تعالى _: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28] .
فهم يفسرون هذه الآية تفسيراً يعضد مذهبهم، ويؤيد رأيهم.
ولا شك أن ذلك باطلٌ وتعدٍّ على الحق، وإخراج للمعنى عن أصله؛ ذلك أن تفسير الآية الصحيح هو أن يكون المؤمن بين الكفار وحيداً أو في حكم الوحيد، والكفار لهم الغلبة والدولة، فمباح له _ والحالة هذه _ أن يتقيهم حتى يجعل الله له منهم مخرجاً.
على ألا تكون التقيَّة بأن يدخل معهم في انتهاك محرم، أو استحلاله، بل التقية بالقول والكلام فحسب1.
وقد أجمع أهل العلم على أن التقيَّة رخصة في حال الضرورة.
قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: "أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل، فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان _ أنه لا يحكم عليه بالكفر"2.
1_ انظر الحركات الباطنية د. محمد الخطيب ص53.
2_ فتح الباري 12/329.