قال الإمام الطحاوي رحمه الله: "ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته.
وكما كان بصفاته أزلياً كذلك لا يزال عليها أبدياً"1.
مثال ذلك صفة الكلام؛ فالله _عز وجل_ لم يزل متكلماً إذا شاء.
ولم تحدث له صفة الكلام في وقت، ولم يكن معطلاً عنها في وقت، بل هو متصف بها أزلاً وأبداً.
وكذلك صفة الخلق، فلم تحدث له هذه الصفة بعد أن كان معطلاً عنها.
3_ وإذا كان المقصود بالتسلسل: التسلسل في مفعولات الله _ عز وجل _ وأنه ما زال ولا يزال يخلق خلْقاً بعد خلق إلى ما لا نهاية _ فذلك معنى صحيح، وتسلسل ممكن، وهو جائز في الشرع والعقل.
قال الله _ تعالى _: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق:15] .
ثم إنه _ عز وجل _ ما زال يخلق خلقاً، ويرتب الثاني على الأول وهكذا؛ فما زال الإنسان والحيوان منذ خلَقَهُ الله يترتب خلقه على خلق أبيه وأمه.
4_ وإن أريد بالتسلسل: التسلسل بالمؤثِّرين، أي بأن يؤثِّر الشيء بالشيء إلى ما لا نهاية، وأن يكون مؤثرون كلُّ واحد منهم استفاد تأثيره مما قبله لا إلى غاية_ فذلك تسلسل ممتنع شرعاً وعقلاً؛ لاستحالة وقوعه؛ فالله _ عز وجل _ خالق كل شيء، وإليه المنتهى؛ فهو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء،
1_ شرح العقيدة الطحاوية ص124.