القول في أن الإيمان مخلوق أو غير مخلوق
هذه المسألة شبيهة بالمسألتين السابقتين وهما مسألة اللفظ والملفوظ، والاسم والمسمى.
وخلاصة القول فيها أنه لما ظهرت مقولة القائلين: لفظنا بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق تكلم الناس حينئذٍ في الإيمان؛ فقالت طائفة: الإيمان مخلوق، ودخل في ذلك ما تكلم الله به من الإيمان مثل: لا إله إلا الله فهذه الكلمة من الإيمان، بل هي أعلى شعبه، وهي في الوقت نفسه من جملة ما تكلم الله _ عز وجل _ كما في قوله _ تعالى _: {فَاْعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} فصار مقتضى قول القائلين بهذا القول: أن نفس هذه الكلمة مخلوقة، ولم يتكلم الله بها، بل خلقها.
ولهذا بَدَّعَ السلف كالإمام أحمد رحمه الله من قال بهذا القول؛ لما فيه من الإبهام، والإجمال.
والصواب في ذلك أن يستفصل فيقال لمن قال ذلك: ماذا يراد بالإيمان؟
فإن أريد به شيء من صفات الله كقوله: لا إله إلا الله، أو إيمانه _عز وجل_ الذي دل عليه اسم المؤمن فذلك غير مخلوق؛ لأن الكلام صفة من صفاته، ولأن صفة الإيمان التي تضمنها اسم: المؤمن من صفاته _عز وجل_ وصفاته قائمة به، غير مخلوقة.
وإن أريد بالإيمان شيء من أفعال العباد وصفاتهم كصلاتهم، وصيامهم،