سواء كان كفره باعتقاد المجوسية الفارسية، أم بالدهرية، أم بغير ذلك.
ولذلك قالوا: الزنديق يرادف المنافق، وخصوا المنافق بمبطن الكفر في زمن الرسول " والزنديق بمبطن الكفر بعد ذلك الزمن.
ثالثاً: ظهور الرمي بالزندقة: كان الرمي بالزندقة قد طلع قرنه في أثناء القرن الأول الإسلامي، ثم بلغ أشده في القرن الثاني؛ بسبب ما عظم من المخالفات الاعتقادية، والتعصبات المذهبية، وقضاء الأوطار السياسية.
رابعاً: ما يصير به المرء معرضاً إلى تهمة الزندقة: يصير إذا كان فارسي الأصل، وأُثِر عنه بُغض العرب، وكان من أهل الخلاعة والمجون، أو المزح في الأمور الراجعة إلى العبادات، أو أن يكون لا يحفظ من القرآن شيئاً؛ فقد أخذ بذلك محمد بن أبي عبيد الله وزير المهدي _ حسبما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 161هـ _.
هذا والمهدي لم يكن له من أصالة الرأي ما كان للمنصور والسفاح؛ فأغرق في تقصي أحوال الناس، والرمي بالزندقة.