الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ؟} والثانية: جواب: وهي {قُل اللَّهُ} أي أن الله جلت حكمته هو الذي أنزل الكتاب على موسى عليه السلام: ثم أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يترك أولئك المكذبين يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون [1].
فأين إذن هذا الذكر بالاسم المفرد؟ الذكر يزعمه أولئك الذين أغرقهم أئمة الضلال، وباعدوا بينهم وبين الحق كما تباعد المشرق عن المغرب، حتى صار هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا؟
الرب:
هو اسم من أسماء الله تعالى، التي تضمنتها نصوص القرآن الكريم. ولا يقال في غيره إلا بالإضافة. وقد قالوه في الجاهلية للملك. وقال في الكشاف: "الرب المالك. ومنه قول صفوان لأبى سفيان: لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن".
وقال القرطبي في تفسيره: والرب السيد ومنه قوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّك} وفي الحديث "أن تلد الأمة ربتها.." والرب: المصلح، والمدبر، والجابر، والقائم. قال: والرب المعبود- ومنه قول الشاعر:
أربَ يبول الثعلبان برأسه ... لقد هان من بالت عليه الثعالب2
وقد ذكر ابن كثير: أن الرب: هو المالك المتصرف. ولا يقال (الرب) معرفا بالألف واللام إلا لله تعالى، ولا يجوز استعمال كلمة الرب لغير الله إلا بالإضافة فنقول: رب الدار، ورب السيف. وأما الرب. فلا يقال إلا لله عز وجل[3].
ومعنى كلمة الرب لغة: هو السيد المربي واصطلاحا: هو المالك، الخالق، البارئ، المصور، المعطي المانع، النافع الضار، الرافع الخافض، الباسط القابض، المحيي المميت، المدبر لأمر هذا الكون. (وهذا على ما فصلت القول فيه في حلقات (مفهوم الربوبية) بهذه المجلة في سنتها الحادية عشرة) [4] فليرجع إليها من شاء.
والرب هو المربي لجميع العالمين، وهم من سوى الله: بخلقه لهم، وتسخير ما يصلح لحياتهم، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة فمنه تعالى. وتربيته سبحانه لخلقه نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين، ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة: تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكملهم، ويدفع عنهم [1] تيسير الكريم الرحمن الجزء الثاني ص 201 تصرف.
2 فتح القدير للشوكاني الجزء الأول ص 21. [3] تيسير العلي القدير المذكور المجلد الأول ص 12. [4] مجلة الجامعة الإسلامية السنة الحادية عشرة العدد الأول (حلقات مفهوم الربوبية لكاتبها: سعد ندا) .