إلا إذا التزموها وإلا وجب عليه قتالهم بنص القرآن " [1] ، فبين أن هذا الأمر ليس السلاطين هم الذين يقررون أن يلزموهم أو لا يلزمونهم، وإنما هو حق لله تعالى، كما بين في فتاويه حكم الكنائس التي بنيت في الأمصار التي مصرها المسلمون، وأنه لا يجوز إبقاؤها بحال [2] ... ، كما أن ابن القيم-رحمه الله- لما سئل عن حكم أهل الذمة أجاب بجواب طويل جدا- بلغ مجلدين- وأوضح فيه المسألة وبينها بيانا شافيأ ذاكرا الأدلة والنصوص وأقوال العلماء [3] .
ثانيا- انتشار الشركيات والتصوف:
كثرت في هذا العصر مظاهر الشرك، كما انتشر التصوف، وبين الشرك والتصوف المنحرف علاقة وطيدة، إذ غالبا ما يكون أهم مظاهر التصوف الشرك وذلك بالغلو في المشايخ والأولياء- الأحياء منهم والأموات- وقد كان أبرز مظاهر الشرك بناء المشاهد على القبور، وبناء المساجد عليها؛ بحيث تصبح هذه القبور أماكن للعبادة والتقرب إلى الله بشتى أنواع القرب فيأتيها الناس مستشفعين بهؤلاء الأموات، طالبين فهم قضاء الحاجات وكشف الكربات وس جع نشأة بناء المشاهد والأضرحة إلى الرافضة، فمن المعلوم أنه لم يكن في أول الإسلام حتى أوائل العهد العباسي شىء من هذه المظاهر بارزا، فلما جاءت دولة العبيديين - الفاطميين- في المغرب ثم فى مصر، ثم جاءت دولة بنى بويه في العراق - وكلهم رافضة- نشأت هذو الظاهرة الشركية في العراق ومصر وغيرهما، ولما كان هؤلاء الرافضة ليس لهم هم إلا إفساد دين الإسلام وحرب أهلهـ أهل السنة- [1] الصارم المسلول (ص: 213) . [2] انظر فتاوى ابن تيمية في: مجموع الفتاوى (28/632) وما بعدها، وأحكام أهل الذمة (2/677) حيث نقل فتوى له أخرى بنصها كما كان لابن تيمية مناقشات للنصارى، انظر الجواب الصحيح (2/172) ، ومجمرع الفتاوى (1/370) وترجمته بقلم خادمه (ص: 23) . ... [3] وهو كتاب أحكام أهل الذمة وقد حققه الدكتور صبحي الصالح-رحمه الله- وكتب له مقدمة طوبلة- بروح انهزامية غربية- فهل كان متأثرا بالوضع الطائفي في لبنان وهو من أهله، أم كان متأثرا بحضارة العصر- حضارة هيئة الأمم المتحدة- ومع ذلك فمن المحزن المبكي أن الكتاب صدر بمقدمة صبحي الصالح سنة 1 38 1 هـ، ثم أعيدت طباعته سنة 1 0 4 1 هـ، وفي هذا العام 7 0 4 1 هـ اغتيل صبحي الصالح في لبنان في حمى الصراع الطائفي.